أحامي عن ذمار بنى أبيكم |
|
ومثلي في غوائبكم قليل (١) |
فقال جزء بن سعد لمّا بلغه ذلك : (نعم وفي شواهدنا) إنما هو جمع" غائب"
وشاهد من الناس :
وقد ذكر أبو العباس المبرد أنه الأصل ، وأنه في الشعر شائع جائز.
وأنشد قول الفرزدق :
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم |
|
خضع الرقاب نواكس الأبصار (٢) |
وإذا كان" فاعل" لما لا يعقل من المذكر فإنه على فواعل ، وإن كان صفة كقولك : (جبل شاهق) و (جبال شواهق) و (شامخ وشوامخ) و (حمار ناهق) و (نواهق) ، و (فرس صاهل) و (صواهل).
وإذا سميت بالصفة أيضا ثم جمعته كان على فواعل كقولك (حارث) اسم رجل و (حوارث) و (خواتم) وهذا هو القياس في الأصل ، لأن قياس هذا الجمع قياس التصغير ، ويقال في التصغير (ضارب) و (ضويرب) ، و (قاتل) و (قويتل) وكان حقه أن يقال : (ضوارب) و (قواتل) غير أنهم عدلوا عن ذلك ؛ لأن الجمع له وجوه ولا وجه للتصغير إلا واحد تقول في التصغير (ضارب) و (ضويرب) لا غير ، وتقول في الجمع (ضارب) و (ضاربون) و (ضرّاب) و (كاتب) و (كاتبون) و (كتّاب) و (كتبة) ، فجعلوا (فواعل) جمع" فاعلة" أو ما جرى مجراها مما لا يعقل كقولك" قاتلة" و" قواتل" و (شاهق) و (شواهق) وتركوا الأسماء على أصل القياس وقد جاء فاعل على" أفعلة" اسما ولم يذكر سيبويه. وذلك (واد) و (أودية) كأنهم حملوه على فعيل ك (جريب) و (أجربة) ، وكرهوا فيه فواعل لئلا يجتمع واوان في أول الكلمة وكرهوا أيضا" فعلان" و" فعلان" لئلا تنضم الواو وتنكسر.
هذا باب ما يجمع من المذكر بالتاء
لأنه يصير إلى تأنيث إذا جمع ، فمنه شيء لم يكسر على بناء من أبنية الجمع فجمع بالتاء إذ منع ذلك.
وذلك قولك : (سرادقات) و (حمّامات) و (إوانات) ، ومنه قولهم : (جمل سبحل) و (جمال سبحلات) و (ربحلات) و (جمال سيطرات). وقالوا : (جوالق) و (جواليق) ولم
__________________
(١) البيتان من الوافر. انظر شرح الشافية للرضي : ٢ / ١٥٣ ، وشرح شواهد الشافية ص : ١٤١.
(٢) انظر ديوان الفرزدق : ٣٧٦ ، الخزانة : ١ / ٩٩ ، والمخصص : ١٤ / ١١٧ ، وابن يعيش : ٥ / ٥٦ وهو من بحر الكامل.