كانت عدة حروفه أربعة أحرف بالزيادة التي فيها لكانت" فعائل" ولم تكن لتدخل زيادة في أول الكلمة كما أنك لا تكسر (جدولا) ونحوه على ما تكسّر عليه بنات الأربعة.
وكذلك هذا إذا كسّرته بالزيادة لا تدخل زيادة سوى زيادته ، فيصير اسما أوله ألف ورابعه حرف لين فهذه الحروف لم تكسر على ذا ، ألا ترى أنك لو حقرتها لم تقل" أحيديث" ولا" أعيريض" ولا" أكيرع" فلو كان ذا أصلا لجاز ذا التحقير ، وإنما يجري التحقير على أصل الجمع إذا أردت ما جاوز ثلاثة أحرف مثل (مفاعل) و (مفاعيل).
قال أبو سعيد : ما كان من الجمع ثالثه ألف وبعدها حرفان أو ثلاثة فلا يجوز أن يكون واحده ثلاثة أحرف ، لأن هذا الجمع يجري مجرى التصغير إنما يزاد على واحده الألف ثالثة فقط كما تزاد التصغير ثالثة ويؤتى بالحركات على ما يوجبه الجمع أو التصغير كقولك (جعفر) و (جعافر) و (جعيفر) و (بلبل) و (بليبل) و (بلابل) و (زبرج) و (زبيرج) و (زبارج) و (صندوق) و (صنيديق) و (صناديق) ، فجعل (أراهط) كأنه جمع (أرهط) لا جمع" رهط" ، وإن كان" أرهط" لا يستعمل.
والدليل على ما قال ، أن الشاعر قد قال" أرهط" لما احتاج إليه :
وفاضح مفتضح في أرهطه |
|
من أرفع الوادي ولا من ثعبطه (١) |
وكذلك (باطل) و (أباطيل) لو جمع" باطل" على هذا القياس لقيل" بواطل" فعلم أن" أباطيل" ليس بجمع" باطل" وكذلك" أكارع" ليس بجمع" كراع" وكذلك سائر ما ذكره. ولو جمع ما ذكر على لفظه لقيل في" كراع" : (كرائع) وفي حديث (حدائث) وفي عروض (عرائض) كما يقال في (قلوص) : (قلائص) وفي (سفينة) : (سفائن) ، لأن ألف الجمع تدخل ثالثة ولا يزاد غيرها ، وقوى سيبويه ذلك بأنا لو صغرنا لم نذهب بالتصغير مذهب الجمع لا يقال : (أحيديث) ولا (أعيريض) ولا (أكيرع) كما تقول في الجموع التي أتت على قياس الواحد ك (صناديق) و (صنيديق) و (أباريق) و (أبيريق) و (أباطح) و (أبيطح) فاعرف ذلك إن شاء الله.
__________________
(١) البيتان من مشطور الرجز أنشدهما الأصمعي ولم ينسبهما إلى أحد وهما من شواهد شرح المفصل لابن يعيش : ٥ / ٧٣ ، وشرح الشافية للرضي : ٢ / ٢٠٥.