قال : وأما ما كان آخره ألفان للتأنيث (وكان فاعلا) فإنه يكسر على (فواعل) شبه ب (فاعلة) ، لأنه علم تأنيث كما أن الهاء في (فاعلة) علم التأنيث وذلك (قاصعاء) و (قواصع) و (نافقاء) و (نوافق) ، و (دامّاء) و (دوام) ـ وكلها جحرة اليرابيع ـ وسمعنا من يوثق به من العرب يقول : (سابياء) و (سواب) و (حاثياء) و (حواث).
وإنما جعلوا ألفي التأنيث بمنزلة هاء التأنيث فصار (قاصعاء) بمنزلة (قاصعة) و (دامّاء) بمنزلة (دامّة) فجمع على (فواعل) ، كما يقال (قاتلة) و (قواتل) و (دابة) و (دوابّ) وعلى ذلك قالوا (خنفساء) و (خنافس) كما يقال (قنبرة) و (قنابر) و (بهترة) و (بهاتر).
هذا باب جمع الجمع
قال سيبويه : أما أبنية أدنى العدد فيكسر منها (أفعلة وأفعل) على (أفاعيل) لأن (أفعل) بزنه" أفعل" و" أفعلة" بزنة (أفعلة) ، كما أن (أفعالا) بزنة (إفعال) وذلك نحو (أيد) و (أياد) و (أوطب) و (أواطب) قال الراجز :
يحلب منها ستّة الأواطب (١)
و (أسقية) و (أساق).
قال أبو سعيد : اعلم أن جمع الجمع ليس بقياس مطرد وإنما يقال فيما قالوه ولا يتجاوز ، وكذلك قال أبو عمر الجرمي قال : ولو قلنا في (أفلس) : (أفالس) وفي (أكلب) (أكالب) وفي (أدل) (أدال) لم يجز.
وأما قول سيبويه : لأن" أفعل" بمنزلة (أفعل" و" أفعلة" بمنزلة" أفعلة" يعني أن اختلاف الحركات في الواحد لا يوجب اختلاف الجمع في الرباعي.
ألا ترى أنا نقول (حبرج) و (حبارج) كقولنا (زبرج) و (زبارج) و (جعفر) و (جعافر) و (قمطر) و (قماطر) و (هجرع) و (هجارع) فصار لفظ الجمع واحدا وإن اختلفت الآحاد وكذلك (أفعل) وهو (أوطب) و (أيد) بمنزلة (أرنب) و (أيدع).
تقول فيه : (أرانب) و (أيادع) و (أفعلة) ك (أفعلة) تقول (أشكلة) و (أشاكل) و (أزملة) و (أزامل) ، كما قلنا : (أسقية) و (أساق).
__________________
(١) البيت من مشطور الراجز. انظر المفصل لابن يعيش ٥ / ٧٥ ، والمخصص ٤ / ١٠١ ، والتبصرة والتذكرة ٢ / ٦٨١. والشاهد جمعه الأوطب وهو جمع (وطب) على (أواطب) لتكثير العدد.