يذكره. فقد ذكر فعل وفعل ، ثم قال في عمله يعمله عملا : أنهم شبهوه بالفزع الذي هو مصدر فزع ، وفزع لا يتعدى. والباب في فعل الذي لا يتعدى إذا كان فاعله يأتي على فعل أن يكون مصدره على فعل كقولنا : فرق فرقا فهو فرق ، وحذر يحذر حذرا فهو حذر ، فشبّه بالعمل ، وهو مصدر فعل يتعدى بالفزع ، وهو مصدر فعل لا يتعدى ، لاستواء لفظ فزع وعمل ، وإن اختلفا في التعدّي ، وحمل الطلب والسّرق على العمل.
" وقد جاء المصدر على نحو الشّرب والشغل ، وعلى فعل ، كقولنا : قال قيلا.
وقالوا : سخطه سخطا ، شبهه بالغضب حين اتفق البناء".
يعني أن سخط مصدر فعل يتعدى (وقد شبه بالغضب ، وهو مصدر فعل لا يتعدى) لاتفاقهما في وزن الفعل ، وفي المعنى.
قال : " وبذلك ساخط وسخطته على أنه مدخل في باب الأعمال التي ترى وتصنع" (قال أبو سعيد) : في غير هذه النسخة ترى وتسمع.
" وهي موقعة بغيرها".
يعني بالأعمال التي ترى الأعمال المتعدية ، لأن فيها علاجا من الذي يوقعه للذي يوقع به ، فتشاهد وترى ، فجعل سخطه مدخلا في التعدي ، كأنه بمنزلة ما يرى. وقولهم ساخط دليل على ذلك ، لأنهم لا يقولون غاضب. ومعنى الغضب والسخط واحد ، فجعلوا الغضب بمنزلة فعل تتغير به ذات الشيء ، والسخط بمنزلة فعل عولج إيقاعه بغير فاعله.
" وقالوا : وددته ودا ، مثل شربته شربا ، وقالوا : ذكره ذكرا لحفظه حفظا"
قال سيبويه : " وقد جاء شيء من هذا المتعدي على فعيل. قالوا : ضريب قداح للذي يضرب بالقداح ، وصريم للصارم ، وقال طريف بن تميم العنبري :
أو كلما ورّدت عكاظ قبيلة |
|
بعثوا إلى عريفهم يتوسم (١) |
يريد عارفهم".
والباب في ذلك أن يكون بناؤه على فاعل كضارب وقاتل ، وما أشبه ذلك. ويجوز أن يكون قالوا : ضريب قداح فرقا بينه وبين من يضرب في معنى آخر ، وبين الصريم في القطيعة وبين من يصرم في معنى سواه ، وبين العريف الذي يتعرف الأنساب
__________________
(١) الشاهد فيه بناء (عارف) على (عريف) لمعنى المبالغة في الوصف بالمعرفة ، البيت في الأصمعيات ص : ١٢٧ ، وفي شرح محمد بن حبيب لديوان جرير : ١ / ٤٣٦.