قال سيبويه : " وقالوا : لبث لبثا ، فجعلوه بمنزلة عمل عملا ، وقولهم : لابث يدلك على أنه من هذا الباب. وقالوا : مكث يمكث مكوثا ، كما قالوا : قعد يقعد قعودا ، وقال بعضهم : مكث ، شبهوه بظرف ، لأنه فعل لا يتعدى ، كما أن هذا فعل لا يتعدى. وقالوا : المكث كالشّغل والقبح ، لأن بناء الفعل واحد"
في مكث يمكث وقبح ويقبح.
" وقال بعض العرب : مجن يمجن مجنا كالشغل" فيما يتعدى".
" وقالوا : فسق فسقا ، كما قالوا : فعل فعلا" مما يتعدى.
" وحلف حلفا ، كما قالوا : سرق سرقا" فيما يتعدى.
قال : " وأما دخلته دخولا ، وولجته ولوجا ، فإنما هو دلجت فيه ودخلت فيه ، ولكنه ألقى فيه استخفافا ، كما قالوا : نبئت زيدا ، وإنما تريد نبئت عن زيد"
وقد مضى الكلام في أول الكتاب فيما قاله سيبويه إن دخلت في الأصل غير متعد ، وما خالفه فيه الجرمي من تعديه بما أغنى عن إعادته.
قال : " ومثل الحارد والحرد : حميت الشمس تحمى حميا ، وهي حامية"
قال الشاعر :
تفور علينا قدرهم فنديمها |
|
ونفثؤها عنا إذا حميها غلا (١) |
وقالوا : لعب يلعب لعبا ، وضحك يضحك ضحكا ، كما قالوا : الحلف. وقالوا :
حجّ حجّا ، كما قالوا : ذكر ذكرا. وقد جاء بعضه على فعال ، كما جاء على فعال وفعول قالوا : نعس نعاسا ، وعطش عطاشا ، ومزج مزاجا.
قال أبو سعيد : وقد يجيء الفعال والفعالة والفعال والفعالة في أشياء تكثر فيها وتكون أبوابا لها ، وكذلك الفعيل. وأما الفعال فقد كثر في الأصوات ، وصار الباب لها ، ويتلوه في ذلك الفعيل ، تقول : الصراح والنباح والبعار والبغام والحصاض والخّباج ، وهما الضراط ، والرغاء والدعاء والعواء والمكاء. وفي فعيل صهيل وزئير وطنين وصريف ، وهو صوت احتكاك الأسنان ونزيب : صوت الظباء ، ونئيب التيس ، والضجيج والنئيم والنهيت ، وهو كثير.
__________________
(١) قاله النابغة الجعدي ديوانه : ١١٨. الشاهد في قوله (حميها) حيث جاء المصدر وهو قوله (حمي) على فعل للفعل (حمي) على القياس.