هذا باب فعلان ومصدره وفعله
قال سيبويه : " أما ما كان من الجوع والعطش فإنه أكثر ما يبنى في الأسماء على فعلان ، ويكون المصدر على الفعل ، ويكون الفعل على فعل يفعل ، وذلك ظمئ يظمأ ظمأ وهو ظمآن ، وعطش يعطش عطشا وهو عطشان ، وصدي يصدى صدى وهو صديان. وقالوا : الظماءة ، كما قالوا : السقامة ، لأن المعنيين قريب ، كلاهما ضرر على النفس وأذى ، وغرث يغرث غرثا ، وهو غرثان ، وعله يعله علها وهو علهان ، وهو شدة الغرث والحرص على الأكل ، وتقول : عله ، كما تقول : عجل ، ومعناه قريب من وجع. وقالوا : طوى يطوي طوى وهو طيّان" ومعناه الجوع ، قال عنترة :
ولقد أبيت على الطوى وأظله |
|
حتى أنال به لذيذ المأكل (١) |
وبعض العرب يقول : الطوى ، فيبينه على فعل ، لأن زنة فعل وفعل شيء واحد ، وليس بينهما إلا كسرة الأول وفتحة ، وضد ما ذكرنا يجيء على ما ذكرنا" يعني ضد الجوع ، " وهو قولهم : شبع شبعا وهو شبعان ، كسروا الشبع ،
كما قالوا : الطوى ، وشبهوه بالكبر والسمن حيث كان بناء الفعل واحدا. وقالوا : روي يروي ريا وهو ريان ، فأدخلوا الفعل في هذه المصادر ، كما أدخلوا الفعل فيها حين قالوا السكر".
يعني الري ، وزنه فعل ، ودخل في هذا الباب وليس بمصادر فيه ، ولقائل أن يقول : هو فعل ، وكسر من أجل الياء ، كما قالوا : قرن ألوى ، وقرون لي وليّ. وفي السكر ثلاث لغات : السكر والسكر ، وحكى عن الأخفش ، السكر.
قال سيبويه : " ومثله خزيان ، والمصدر الخزي ، وقالوا : الخزى في المصدر ، كالعطش اتفقت المصادر كاتفاق بناء الفعل والاسم".
يعني في الخزي والرّي كاتفاق خزي يخزي ، وهو خزيان ، وروى ريا وهو ريان.
قال : " وقد جاء من هذا على باب خرج يخرج ، قال : سغب يسغب سغبا وهو ساغب ، كما قالوا : سفل يسفل سّفلا وهو سافل ، ومثله جاع يجوع جوعا وهو جائع ، وناع ينوع نوعا وهو نائع".
(وقال بعضهم : النائع المتألم من الجوع) ، وقال بعضهم : هو المائل من الجوع ،
__________________
(١) انظر الديوان ص : ٢٤٩ ، المخصص : ١٤ / ١٤٢ ، واللسان (ظل).