مثل السكر ، والعبر مثل العطش ، فقالوا : عبرى ، كما قالوا : ثكلى. وأما ما كان من هذا من بنات الياء والواو التي هي عين فأنها تجيء على فعل يفعل معتلة لا على الأصل ، وذلك عمت تعام عمة وهو عيمان وهي عيمانة ، جعلوه كالعطش ، وهو الذي يشتهي اللبن كما يشتهي ذلك الشراب ، وجاءوا بالمصدر على فعلة ، لأنه كان في الأصل على فعل ، كما كان العطش ونحوه على فعل ، ولكنهم أسكنوا الياء وأماتوها" ، يعني أعلوها ، " كما فعلوا في الفعّل ، فكأن الهاء عوض من الحركة مثل : غرت تغار غيرة ، وهو في المعنى كالغضبان ، وقالوا : حرت تحار حيرة (وهو حيران) ، وهي حيرى ، وهو في المعنى كالسكران لأن كليهما مرتج عليه.
هذا باب ما يبنى على أفعل
قال سيبويه : " أما الألوان فإنها تبنى على أفعل ، ويكون الفعل على فعل يفعل ، والمصدر على فعلة أكثر ، وربما جاء الفعل فعل يفعل ، وذلك قولك : أدم يأدم أدمة ، ومن العرب من يقول : أدم يأدم أدمة ، وشهب يشهب شهبة ، وقهب يقهب قهبة" وهو سواد يضرب إلى الحمرة ، قال :
والأقهبين : الفيل والجاموسا
" وكهب يكهب كهبة ، وقالوا : كهب يكهب كهبة" وهو غبرة وكدورة في اللون ، " وشهب يشهب شهبة ، وصدئ يصدأ صدأة ، وقالوا : صدأ ، كما قالوا : الغبس ، والأغبس : البعير الذي يضرب إلى البياض ، وقالوا : الغبسة ، كما قالوا : الحمرة ، وفي نسخة أخرى العيسة ، وأصلها العيسة ، فكسرت العين لتسلم الياء.
" واعلم أنهم يبنون الفعل منه على أفعال ، نحو : أشهاب وأدهام وأيدام. فهذا لا يكاد ينكسر في الألوان ، وإن قلت فيها فعل يفعل ، أو فعل يفعل. وقد يستغنى بأفعال عن فعل وفعل ، وذلك نحو : أزراق وأخضار وأصفار وأحمار وأشراب وأبياض وأسواد وأسود وأبيض وأخضر وأحمر ، وأصفر أكثر كلامهم ، والأصل ذلك لأنه كثر فحذفوه"
يعني الأصل أفعال وهو أحمار وأسواد ، ثم خفف فقالوا : احمرّ وأسود والمخفف الذي ذكره أكثر في الكلام ، وفعل فيما ذكره بعض أصحابنا مخفف عن أفعل ، ويستدل على ذلك أنهم يقولون : عور وحول ، فلا يعلون الواو ؛ لأنه في معنى أعورّ وأحولّ ، وهما لا يعتلان. والوجه عندي أنه لم يعل عور وحول لأنه في معنى فعل لا يعتل ، لا أنه مخفف