وقد ذكر سيبويه أن من العرب من يقول : يجد ، وذلك قليل ، وحذفوا الواو من يجد ؛ لأن الأصل فيه يجد ، فسقطت الواو من أجله.
" وقالوا : ورم يرم ، وورع يرع ورعا وورما ، ويورع لغة ، ووغر صدره يغر ، ووحر يحر وحرا ووغرا ، ويوغر ويوحر أكثر ، وولي يلي ، ووثق يثق ، وومق يمق ، وورث يرث"
وقد كثر في المعتل من هذا الباب فعل يفعل على قلته في الصحيح. والسبب في ذلك كراهتهم الجمع بين ياء وواو لو قالوا : ولي يولي ، ووثق يوثق ، فحللوه على بناء تسقط فيه الواو ، وما كان من الياء فإنه لا تسقط منه الياء ، لوقوعها بين ياء وكسرة ، كقولهم يئس ييئس ، وييس ييس ويسر ييسر من الميسر ، ويمن ييمن من اليمن ؛ لأن الياء أخف من الواو ؛ لأنهم يفرون من الواو إلى الياء ، ولا يفرون من الياء إلى الواو ، فلما كانت الياء أخف سلّموه إذ كانت فاء الفعل.
ومن العرب من يجري الياء مجرى الواو وهو قليل ، فيقول : يئس يئس ، والأصل فيه ييئس ، فسقطت الثانية منه لوقوعها بين ياء وكسرة كسقوط الواو في يعد ويزن.
هذا باب افتراق فعلت وأفعلت
قال سيبويه : " تقول : دخل وخرج وجلس ، فإذا خبّرت أن غيره صيره إلى شيء من هذا قلت : أدخله وأخرجه وأجلسه ، وتقول : فزع وأفزعته ، وخاف وأخفته ، وجال وأجلته. فأكثر ما يكون إذا أردت أن غيره أدخله في ذلك يبنى الفعل منه على أفعلت ، ومن ذلك أيضا مكث وأمكثه. وقد يجيء الشيء على فعّلت فيشرك أفعلت ، كما أنهما قد يشتركان في غير هذا. وذلك قولك : فرح وفرّحته ، وإن شئت قلت أفرحته ، وغرم وغرمته وأغرمته إن شئت ، كما تقول فزّعته وأفزعته ، وقالوا : ملح وملّحته ، وسمعنا من العرب من يقول : أملحته ، كما تقول : أفزعته. وقالوا : ظرف وظرّفته ، ونبل ونبّلته ، ولا يستنكر أفعلت فيهما ، ولكن هذا أكثر ، واستغني به. ومثل أفرحته وفرّحته أنزلت ونزّلته ، قال الله عزوجل : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً)(١) ، وكثّرهم وأكثرهم. ويدخل في ذلك عرف زيد أمره وعرّفت زيدا أمره".
__________________
(١) سورة الأنعام ، الآية : ٣٧.