داخلا. وإذا قلت ضربته أي جعلت فيه ضربا ، وإذا قلت : بنيته جعلت فيه بناء ، وإذا قلت : أبنيت زيدا الدار معناه جعلته بانيا لها ، وكذلك قالوا : فتنت الرجل وأفتنته ، فمن قال فتنته أراد جعلت فيه فتنة ، ومن قال أفتنته أي جعلته فاتنا. يقال : فتن الرجل فهو فاتن ، ويسمّي سيبويه النقل الذي قدمنا ذكره التغيير ، ولذلك قال في فتنته وكحلته وحزنته :
" لم ترد بفعلته هاهنا تغيير قوله حزن وفتن" ، يعني نقله على ما ذكرته لك.
" ولو أردت ذلك لقلت أحزنته وأفتنته ، وفتن من فتنته كحزن من حزنته. ومثله شتر الرجل وشترت عينه ، فإذا أردت تغيير شتر لم تقل إلا أشترته ، كما تقول : فزع وأفزعته ، وإذا قال : شترت عينه لم يعرض لشتر الرجل ، وإنما جاء ببناء على حدة ، كأنه قال : جعلت فيه شترا ، كما أنك إذا قلت : طردته وأطردته فهما مختلفان ، ومثل ذلك : عورت عينه وعرتها ليس بتغيير عورت عينه. وقد قالوا حين أرادوا التغيير والنّقل : أعورت عينه ، ومثل ذلك : سودت وسدت غيرى ، أي سودته ، " وقال نصيب :
سودت فلم أملك سوادي وتحته |
|
قميص من القوهيّ بيض بنائقه (١) |
وقال بعضهم : سدت يريد فعلت"
تحصيل هذا أنه يقال : اسواددت واسوددت وسودت وسدت بمعنى واحد ، وذلك كله غير متعد ، يقال من سدت : ساد يسود في معنى اسودّ يسودّ ، فإذا أردت المتعدي جاز أن تقول : سدته وسوّدته ، فأما سدته فجعلت فيه سوادا ، وأما سوّدته فجعلته أسود.
" وقالوا : عوّرته ، كما قالوا : فرّحته ، وقالوا : جبرت يده وجبرتها ، وركضت الدابة وركضتها ، ونزحت الرّكيّة ونزحتها ، وسار الدابة وسرتها. وقالوا : رجس الرجل ورجسته ، ونقص الدرهم ونقصته" وبعض العرب يقولون : رجس ، " وغاض الماء وغضته"
وقد ذكرنا نحو هذا ، والمتعدى منه ليس على طريق النقل والتغيير لما لا يتعدى ، ولكن على معنى جعلت ذلك الفعل فيه.
قال : " وقد جاء فعّلته إذا أردت أن تجعله مفعلا ، وذلك : فطّرته فأفطر ، وبشّرته فأبشر ، وهذا النحو قليل".
__________________
(١) البيت لنصيب بن رباح ، البيت في ديوانه ص ١١٠ ، وانظر سيبويه : ٢ / ٢٣٤ ، والمخصص : ١٤ / ١٦٨.