ومعنى ذلك أنه جعل فعّلته نقلا لأفعلت ، والباب أن يكون نقلا لفعلت ، كما يقال : عرف وعرّفته ، ونبل ونبّلته ، وفرح وفرّحته.
قال : " وأما خطّأته فإنما أردت سمّيته مخطئا ، كما أنك حيث قلت : فسّقته وزنّيته ، أي سمّيته بالزّنى والفسق ، كما يقال حيّيته ، أي استقبلته بحياك الله ، كقولك : سقّيته ورعّيته ، أي قلت سقاك الله ورعاك الله".
فالباب فيما نسبته إلى الشيء أن يكون على فعّلت ، كقولك : لحّنته وخطّأته ، وصوّبته وجهّلته ، ومثله ما يدعي به له أو عليه ، كقولك :
" جدّعته وعقّرته ، أي قلت له : جدعك الله وعقرك ، وأفّفت به ، أي قلت له : أفّ. وقالوا : أسقيته في معنى سقّيته ، تعني به الدعاء له. فدخلت أفعلت على فعّلت ، كما تدخل فعّلت عليها.
يريد أن الباب في نقل الفعل وتغييره أفعلت ، وقد استعملوا فيه فعّلت ، كفرّجت وفزّعت ، والباب في الدعاء والتسمية فعّلت ، وقد أدخلوا عليه أفعلت ، فقالوا : سقّيته في معنى دعوت له بالسّقيا. قال ذو الرمة :
وقفت على ربع لميّة ناقتي |
|
فما زلت أبكي حوله وأخاطبه |
وأسقيه حتى كاد ممّا أبثّه |
|
تكلّمني أحجاره وملاعبه (١) " |
قال سيبويه : " ويجيء أفعلته على أن تعرضه لأمر وذلك أقتلته ، أي عرّضته للقتل ، ويجيء مثل قبرته وأقبرته ، فقبرته دفنته ، وأقبرته جعلت له قبرا. ويقال : سقيته فشرب ، وأسقيته جعلت له ماء وسقيا.
قال الخليل : سقيته مثل كسوته ، وأسقيته مثل ألبسته.
هذا الصحيح ؛ لأن في بعض النسخ سقيته مثل كسوته ، وأسقيه مثل ألبسته والصواب هذا والأول ؛ لأن كسوته معناه جعلت له كسوة وإن لم يلبسها ، وألبسته إذا جعلته لابسا ، فألبسته مثل سقيته ، وكسوته مثل أسقيته على ما ذكر من الفرق بين سقيته وأسقيته ، وبعض أهل اللغة ذكر أنه لا فرق بينهما ، وأنشد للبيد :
سقى قومي بني مجد وأسقى |
|
نميرا والقبائل من هلال (٢) |
__________________
(١) البيت في ديوانه ص : ٣٨ ، والنوادر ص : ٢١٣ ، والمخصص : ١٢ / ١١ ، والدرر اللوامع : ١ / ١٠٩.
(٢) انظر المخصص : ١٤ / ١٦٩.