والمعنى واحد. وتقول : استعطيت ، أي طلبت العطيّة ، واستعتبته ، أي طلبت إليه العتبى ، وهي الرّضا من العتب ، " واستفهمت ، أي طلبت أن يفهمني ، وكذلك استجرت واستثرت واستخرجته ، أي لم أزل أطلب إليه حتى خرج. وقد يقولون : اخترجته شبهوه بافتعلت وانتزعته".
وذكر أبو بكر مبرمان عن أصحابه الذين أخذ منهم التفسير أن استخرجته طلبت خروجه وقتا بعد وقت ، واخترجته أخرجته دفعة ، كما قالوا : انتزعته.
" وقالوا : قرّ في مكانه واستقرّ ، وقالوا : جلب الجرح وأجلب" والمعنى واحد.
قال سيبويه : وأما استحقّه فإنه يقول : طلب حقه ، واستخفّه : طلب خفّته ، واستعمله : طلب إليه العمل ، واستعجلت زيدا إذا طلبت عجلته ، فإذا قلت : استعجلت غير متعدّ إلى مفعول فمعناه طلبت ذلك من نفسي وكلّفتها إياه. والباب في استفعلت الشيء أن يكون للطلب أو الإصابة ، كقولك : استجدته ، وما عدا ذلك فإنه يحفظ حفظا ، كقولك : " علا قرنه واستعلاه ، وقرّ في المكان واستقرّ ، ومنه في التحول من حال إلى حال : استنوق الجمل ، إذا تخلّق بأخلاق الناقة ، واستتيست الشاة إذا أشبّهت بالتيس.
قال : " وإذا أراد الرجل أن يدخل نفسه في أمر حتى يضاف إليه ويكون من أهله فإنك تقول : تفعّل ، وذلك تشجّع وتبصّر وتحلّم وتجلّد وتمرّأ ، وتقديرها تمرّع ، أي صار ذا مروءة ، وقال حاتم طيّيء :
تحلّم عن الأدنين واستبق ودّهم |
|
ولن تستطيع الحلم حتى تحلّما (١) |
وليس هذا بمنزلة تجاهل ؛ لأن هذا يطلب أن يصير حليما.
وتجاهل يري من نفسه غير الذي هو ، وقد مضى ذلك.
" وقد تجيء تقيّس وتنزر وتعرّب على هذا".
يعني أنه يقال للرجل : تقيّس إذا دخل في قيس حتى يضاف إليه ، ويكون من أهله ، وكذلك تنزر إذا دخل في نسب نزار.
وقد دخل استفعل هاهنا ، قالوا : تعظم واستعظم ، وتكبّر واستكبر ، كما شارك تفاعلت تفعّلت الذي ليس في هذا المعنى ، ولكنه استثبات ، وذلك قولهم :
__________________
(١) انظر ملحق ديوانه ص : ٣١٢ ، ديوان حاتم الطائي ص : ٨١.