لأن استنهيته إنما هو معاودته في النهي ، ونهيته هو النهي مطلقا ، وقد بين هو الفصل بين تخوّفته وخفته.
" وأما يتسمّع ويتحفّظ فهو يتبصّر" ، قال : " وهذه الأشياء نحو يتجرّع ويتفوّق لأنها في مهلة".
يعني أنه ليس يسمع في مرة واحدة ، وإنما هو شيء يتصل ، ومعنى يتفّوّق أنه يتشرّبه بعد شيء ، وهو مأخوذ من الفراق.
ومثل ذلك تخيّره ، كأنه تمهّل في اختياره.
وأما التغمّج والتعمّق والتدخّل فنحو من هذا ؛ لأنه عمل بعد عمل في مهلة" والتغمّج الشرب ، والتعمّق التشديد.
وأما تنجّز حوائجه واستنجز فهو بمنزلة تيقّن واستيقن في شركة استفعلت في الاستثبات ، والتقعّد والتحجّز والتنقّص ، وهذا النحو كله في مهلة وعمل.
قد بيّن وجوه تفعّل الذي ليس فيه مهلة.
هذا باب موضع افتعلت
تقول : اشتوى القوم ، أي اتخذوا شواء ، وأما شويت فكقولك : أنضجت ، وكذلك اختبز وخبز ، واطّبخ وطبخ ، واذّبح وذبح. فأما ذبح فمنزلة قوله : قتله ، وأما اذّبح فتقول : اتخذ ذبيحة ، وقد يبنى على افتعل ما لا يراد به شيء من ذلك ، كما بنوا على أفعلت وغيره من الأبنية ، وذلك افتقر واشتدّ ، فقالوا هذا كما قالوا : استلمت ، فبنوه على افتعل ، كما بنوا على أفعل.
يريد أنهم يبنون على افتعل ما لا يراد به إلا معنى فعل لا زيادة فيه ، ولا يستعمل إلا بالزيادة ، كقولهم : افتقر فهو فقير ، ولا يستعمل فقر. وقالوا : اشتد الأمر فهو شديد ، ولا يستعمل بغير الزيادة في هذا المعنى. وقالوا : استلم الحجر ، ولم يقولوا : أسلمه ، ولا سلّمه. ومثل هذا في أفعل قولهم : أفلح الرجل وما أشبهه ولا يستعمل بغير الزيادة.
قال سيبويه : " وأما كسب فإنه أصاب ، واكتسب فهو التصرّف والطلب والاجتهاد بمنزلة الاضطراب".
قال أبو سعيد : فرّق سيبويه بين كسب واكتسب ، وقال غيره : لا فرق بينهما ، قال