الله عزوجل : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ)(١) ، والمعنى واحد.
قال سيبويه : " وأما قولك : حبسته فبمنزلة قولك : ضبطته ، واحتبسته بمنزلة اتخذته حبيسا ، كأنه بمنزلة شوى واشتوى. وقالوا : ادّخلوا وادّلجوا وتدخّلوا وتولّجوا" والمعنى دخلوا ، قال الشاعر :
رأيت القوافي يتّلجن موالجا |
|
تضايق عنها أن تولّجها الإبر (٢) |
" وقالوا : قرأت واقترأت ، يريدون شيئا واحدا ، كما قالوا : علاه واستعلاه وخطف واختطف. وأما انتزع فإنما هو خطفة ، كقولك : استلب ، وأما نزع فهو تحويلك إياه وإن كان على نحو الاستلاب ، وكذلك قلع واقتلع وجذب واجتذب. وأمّا اصطبّ الماء فبمنزلة اشتوه ، كأنه يقول : اتّخذه لنفسك ، وكذلك اكتل واتّزن.
وقد يجيء على وزنته وكلته فاكتل واتّزن".
وقد أنشد سيبويه آخر الباب عقيب ما أمللته : وقال رؤبة :
يعرضن إعراضا لدين المفتن (٣)
وليس بشاهد لما تقدّمه ، فقال بعض أصحابنا : يريد أن الفتن والفتون واحد ، فقال : فتن وأفتن ، فجاء هذا كما جاء قلع واقتلع ، وجذب واجتذب.
هذا باب افعوعلت وما هو على مثاله مما لم تذكره
" قالوا : خشن ، وقالوا : اخشوشن ، وسألت الخليل فقال : كأنهم أرادوا المبالغة والتوكيد ، كما أنه إذا قال : اعشوشبت الأرض فإنما يريد أن يجعل ذلك عاما كثيرا قد بالغ ، وكذلك احلولى ، وربما بني عليه الفعل فلم يفارقه ، كما أنه قد يجيء الشيء على أفعلت وافتعلت ونحو ذلك لا يفارقه بمعنى ، ولا يستعمل في الكلام إلا على زيادة.
يريد أن افعوعل ربما جاء من لفظه ومعناه الفعل بغير زيادة ، كقولهم : حلا واحلولى ، وخلق الشيء واخلولق ، وربما جاء بالزيادة ولا يستعمل بحذفها ، كقولهم : اذلولى ، وذكرا أفعالا فيها زيادات ولم تستعمل إلا بها ، كقولهم : " اقطرّ النبت واقطارّ إذا
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٦.
(٢) انظر المخصص : ١٤ / ١٨٣ ، وشرح التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٠ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ١٦٣ ، واللسان (ولج).
(٣) انظر سيبويه : ٢ / ٢٤١.