في المصدر ، وبعد القاف ألف زائدة ، فالألف موجودة في المصدر والفعل ، فكيف تكون الميم عوضا من الألف ، والألف لم تذهب.
وأما قوله : " جاء كالمفعول" ، يعني مجالسة ، لفظ كلفظ مجالس وهو المفعول من جالسته ، والجيد في هذا ما وجدته في نسخة أبي بكر مبرمان ، وهو أن هذه المصادر جاءت مخالفة للأصل كفعلت ، وذلك أن فعلت يجيء مصدره مخالفا لما يوجبه قياس الفعل ، وتزاد في أوله الميم ، كما يقال : ضربه مضربا ، وشربته مشربا ، وقد تزاد فيه مع الميم الهاء ، كما يقال المرحمة ، وألزموا الهاء في هذا لما ذكره من تعويض الألف التي قبل آخر المصدر.
قال سيبويه : " وأما الذين يقولون : تحملت تحمّالا فإنهم يقولون : قاتلت قيتالا ، فيوفرون الحروف ويجيئون به على مثال إفعال ، وعلى مثال قولهم : كلّمته كلّاما ، وقالوا : ماريته مراء ، وقاتلته قتالا"
قال أبو سعيد : يريد أنهم يأتون بحروف فاعل موفّرة ويزيدون الألف قبل آخرها ويكسرون أول المصدر ، فإذا كسروه انقلبت الألف ياء لانكسار ما قبلها فيصير فيعالا ، وقد يحذفون هذه الياء لكثرة هذا المصدر في كلامهم ، ويكتفون بالكسرة ، فيقولون : قتالا ومراء ، واللازم عند سيبويه في مصدر فاعلت المفاعلة ، وقد يدعون الفعال والفعال في مصدره ويدعون مفاعلة ، قالوا : جالسته مجالسة ، وقاعدته مقاعدة ، ولم يسمع جلاسا ولا جيلاسا ، ولا قعادا ولا قيعادا.
قال سيبويه : وأما تفاعلت فالمصدر التّفاعل ، كما أن التفعّل مصدر تفعلت ؛ لأن الزنة وعدّة الحروف واحدة ، وتفاعلت من فاعلت بمنزلة تفعّلت من فعّلت ، وضموا العين لئلا يشبه الجمع ، ولم يفتحوا لأنه ليس في الكلام تفاعل في الأسماء".
هذا باب ما جاء المصدر فيه من غير الفعل لأن المعنى واحد
وفي بعض النسخ على غير الفعل (١). قال سيبويه :
" وذلك قولك : اجتوروا وتجاوروا اجتوارا ؛ لأن معنى اجتوروا وتجاوروا واحد ، ومثل ذلك : انكسر كسرا ، وكسر انكسارا" ، وكذلك كل فعلين في معنى واحد أو يرجعان إلى معنى واحد إذا ذكرت أحدهما جاز أن تأتي بمصدر الآخر فتجعله في
__________________
(١) هذه الرواية موافقة لسيبويه ٢ / ٢٤٤.