هذا باب ما تكثّر فيه المصدر من فعلت فتلحق الزوائد وتبنيه
ببناء آخر كما أنك قلت في فعلت حين كثّرت الفعل
" وذلك قولك في الهدر : التّهدار ، وفي اللّعب : التّلعاب ، وفي الرّدّ : التّرداد ، وفي الصّفق : التّصفاق ، وفي الجولان : التّجوال والتّقتال والتّسيار ، وليس شيء من هذا مصدر فعّلت ، ولكن لمّا أردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فعلت على فعّلت"
قال أبو سعيد : اعلم أن سيبويه يجعل التّفعال تكثيرا للمصدر الذي هو للفعل الثلاثي فيصير التّهدار بمنزلة قولك : التهدر الكثير ، والتّلعاب بمنزلة قولك : اللّعب الكثير.
وكان الفراء وغيره من الكوفيين يجعلون التّفعال بمنزلة التفعيل ، والألف عوضا من الياء ، ويجعلون ألف التّكرار والترّداد بمنزلة ياء تكرير وترديد ، والقول ما قاله سيبويه ؛ لأنه يقال : التّلعاب ، ولا يقال : التّلعب. قال سيبويه :
" وأما التّبيان فليس على شيء من الفعل لحقته الزيادة ، ولكنه بني هذا البناء فلحقته الزيادة ، كما لحقت الرئمان (١) ، وهي من الثلاثة وليس من باب التّفعال ، لو كان أصلها من ذلك فتحوا التاء ، فإنما هي من بيّنت ، كالغارة من أغرت والنّبات من أنبت".
يريد أن التّبيان ليس بمصدر لبيّنت ، وإنما مصدره التّبين والتّبيان اسم جعل موضع المصدر ، وكذلك مصدر أغرت إغارة ، وتجعل غارة مكان إغارة ، ومصدر أنبت إنبات ، ويستعمل النبات موضع الإنبات.
قال سيبويه : " ونظيرها التّلقاء يريد اللّقيان ، قال الراعي :
أمّلت خيرك هل تدنو مواعده |
|
فاليوم قصّر عن تلقائك الأمل (٢) " |
يريد عن لقائك ، والمصادر كلها على تفعال بفتح التاء ، وإنما يجيء تفعال في الأسماء ، وليس بالكثير ، وقد ذكر بعض أهل اللغة منها ستة عشر حرفا لا يكاد يوجد غيرها ، منها : التّبيان والتلقاء ، ومرّ تهوام الليل وتبراك وتعشار وتربعاع مواضع ، وتمساح :
__________________
(١) الرئمان : العطف والمحبة.
(٢) انظر البيت في ديوانه ص : ١٠٧ ، وأدب الكاتب ص : ٦٢٨ ، وسيبويه : ٢ / ٣٤٥.