اقشعررت من القشعريرة ، واطمأننت من الطمأنينة بمنزلة أنبت من النّبات"
يريد أن القشعريرة والطّمأنينة اسمان وليسا بمصدرين لهذين الفعلين ، وإن كانا قد يوضعان في موضع المصدر ، فيقال : اطمأننت طمأنينة ، واقشعررت قشعريرة ، كما أن النبات ليس بمصدر لأنبتّ ، وإن كان يوضع في موضعه ، قال الله عزوجل : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)(١) ، والمسرهف : المنعّم الذي قد أحسن غذاؤه.
هذا باب نظير ضربته ضربة ورميته رمية من هذا الباب
قال أبو سعيد : اعلم أن حكم المرة الواحدة من مصدر ما تجاوز الثلاثة أن تزيد على مصدره الهاء ، فإن كان المصدر تلزمه الهاء اكتفيت بما يلزمه من الهاء ، وإن كان للفعل مصدران جعلت الواحد من لفظ المصدر الذي هو الأصل والأكثر.
وتقول : أعطيت إعطاءة ، وأخرجت إخراجة" إذا أردت المرة الواحدة.
وقولك : احترزت احترازة ، وانطلقت انطلاقة واحدة ، واستخرجت استخراجة واحدة ، واقعنست اقعنساسة ، واغدودنت اغديدانة ، وفعلّت بهذه المنزلة ، تقول : عذّبته تعذيبة ، وروّحته ترويحة. والتفعّل كذلك ، وذلك قولهم : تقلّب تقلّبة واحدة. وكذلك التفاعل ، تقول : تغافل تغافلة ، وتعاقل تعاقلة واحدة ، وأما فاعلت فإنك إن أردت الواحدة قلت : قاتلته مقاتلة ، وراميته مراماة".
ولا تقول قاتلته قتالا ؛ لأن أصل المصدر في فاعلت مفاعلة لا فعال ، وإنما تجعل المرة على لفظ المصدر الذي هو الأصل ، وأغنتك الهاء عن هاء تجلبها للمرة.
فالمقاتلة بمنزلة الإقالة والاستغاثة ؛ لأنك لو أردت الفعلة في هذا لم تجاوز لفظ المصدر للهاء التي في المصدر.
قال : " ولو أردت الواحدة من اجتورت فقلت تجاورة جاز ؛ لأن المعنى واحد ، فكما جاز تجاورا كذلك يجوز هذا".
يعني في مصدر اجتور جاز تجاورة في الواحدة من مصدر اجتور.
ومثل ذلك : يدعه تركة واحدة ، كما يقال في غير الواحد : يدعه تركا.
هذا باب نظير ما ذكرنا من بنات الأربعة وما ألحق ببنائها من بنات الثلاثة
" تقول : دحرجته دحرجة واحدة ، وزلزلته زلزلة واحدة ، تجيء بالواحدة على
__________________
(١) سورة نوح ، الآية : ١٧.