المفعل الذي يكون مصدرا ، لأن في هذا دليلا عليه.
قال أبو سعيد : اعلم أن المفعول عند بعض النحويين يجوز أن يكون مصدرا ، وجعلوا هذه المفعولات التي ذكرها سيبويه مصادره ، فالميسر عندهم بمنزلة اليسر ، والمعسور كالعسر ، والمرفوع والموضوع والمعقول كالرفع والوضع والعقل. وقالوا في قوله عزوجل : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) ،) أي بأيكم الفتنة.
وكلام سيبويه يدل على أنها غير مصادر وأنها مفعولات ، فجعل الميسور والمعسور زمانا يعسر فيه ويوسر فيه ، كما تقول : هذا وقت مضروب فيه زيد ، وعجبت من زمان مضروب فيه زيد ، وجعل المرفوع والموضوع هو الشيء الذي يضعه ويرفعه ، وتقول : هذا مرفوع ما عندي وموضوعه ، أي ما أرفعه وأضعه ، وجعل المعقول مشتقا من قولك : عقل له ، أي شدّ له وحبس ، فكأن عقله قد حبس وشد ، واستغن بهذه المفعولات التي ذكرها عن المفعل الذي يكون مصدرا ، ولأن فيها دليلا على المفعل ، وقال بعض أهل العلم في قوله عزوجل : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) :) إن الباء زائدة ، ومعناه أيكم المفتون.
ومثله في زيادة الباء قوله عزوجل في بعض الأقاويل : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ)(١) (أي تنبت الدّهن) وقال الشاعر :
هنّ الحرائر لا ربات أحمرة |
|
سود المحاجر لا يقرأن بالسّور (٢) |
أي لا يقرأن السّور ، ويجوز في قوله : " بأيكم المفتون"
قول آخر وهو : أن الكفار ادّعوا أن النبي صلىاللهعليهوسلم مجنون وأن به جنيا فردّ الله عزوجل ذلك عليهم وتوعدهم فقال : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ* بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)(٣) ، يعني الجنّي فيما يحتمل التأويل لأن الجنّي مفتون.
هذا باب ما لا يجوز فيه ما أفعله
" وذلك ما كان أفعل لونا أو خلقة ، ألا ترى أنك لا تقول ما أحمره ولا ما أبيضه ، ولا تقول في الأعرج ما أعرجه ، ولا في الأعشى ما أعشاه ، إنما تقول : ما أشد عشاه ، وما لم يكن فيه ما أفعله لم يكن فيه أفعل به رجلا ، ولا هو أفعل منه لأنك تريد أن ترفعه من
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٠
(٢) الشاهد فيه زيادة الباء في قوله" بالسور" يريد : يقرأن السور وفي ديوان الراعي واللسان : أحمرة ، بالحاء المعجمة.
(٣) سورة القلم : ٥ ، ٦