يريد لم يلده ، فأسكن اللام ، فاجتمع ساكنان ، اللام والدال ، ففتح الدال لاجتماع الساكنين.
" سمعناه من العرب كما أنشده الخليل ، ففتحوا الدال كي لا يلتقي ساكنان ، حيث أسكنوا موضع العين حركوا الدال".
وزعموا إنهم يقولون : " ورك وورك ، وكتف وكتف.
وهذا ما أسكن من هذا الباب وترك أول الحرف على أصله لو حرك ،
لأن الأصل عندهم أن يكون الثاني متحركا وغير الثاني أول
الحرف
" وذلك قولهم : شهد ولعب ، تسكّن العين كما أسكنتها في علم ، وتدع الأول مكسورا لأنه عندهم بمنزلة ما حرّكوا فصار كأول ابن. سمعناهم ينشدون هذا البيت هكذا للأخطل :
إذا غاب عنا ، غاب عنا فراتنا |
|
وإن شهد أجدى فضله وجداوله (١) |
ومثل ذلك نعم وبئس ، وإنما هو فعل"
قال أبو سعيد : قد كنت ذكرت في باب قبل هذا أن ما كان على" فعل" وثانيه حرف من حروف الحلق ففيه أربع لغات : منها" فعل" ، وهو الذي أراد سيبويه في هذا الموضع ، لأن شهد ولعب جاء على أصله لو حرّك معناه أنه جاء على شهد ولعب ثم أسكن من ذاك.
" ومثل ذلك : " غزي الرجل" لا تحوّل الياء واوا ، لأنها إنما خففت والأصل عندهم التحريك ، وأن تجرى ياء كما أن الذي خفف الأصل التحريك عنده ، وأن يجري الأول في خلافه مكسورا".
قال أبو سعيد : اعلم أن أصل غزي غزو ؛ لأنه من الغزو ، انقلبت الواو ياء لأنها طرف وقبلها كسرة ، فكأنّ قائلا قال : إذا أسكنا الزاي وجب أن تعود الواو ؛ لأن العلة التي كانت تقلبها ياء قد زالت ، فقال سيبويه :
" هذا التخفيف ليس بواجب ، ولا هو بناء بني عليه اللفظ في الأصل ، وإنما هو
__________________
(١) الشاهد تسكين الهاء من قوله (شهد) بعد تحريك الشين بالكسر اتباعا لحركة عينها قبل السكون ، انظر ديوانه : ١ / ٣٤٨ ، الهمع : ٢ / ٨٤ ، الدرر : ٢ / ١٠٩