عارض ، كما أن الذي يقول : علم وكرم في علم وكرم الأصل عنده علم وكرم وإن خفّف".
والدليل على أن الأصل هذا أنه لو جعل الفعل لنفسه لقال : علمت وكرمت ، فرد البناء إلى أصله ، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
هذا باب ما تمال فيه الألفات
اعلم أن معنى الإمالة أن تميل الألف نحو الياء فتكون بين الألف والياء في اللفظ ، والذي دعا إلى ذلك أنه إذا كان في الكلمة كسرة أو ياء نحوا بالألف نحو الياء وأجنحوها إتباعا للكسرة ، ولأن الياء أقرب إلى الألف من الواو. والأشياء التي من أجلها تمال الألف ، الياء أو الكسرة إذا كانتا ظاهرتين أو مقدرتين ، أو كان في تصاريف الكلمة التي فيها الممال ياء أو كسرة ، أو يكون مآل الألف ومرجعها إلى الياء في بعض تصريفها ، أو ليفرق بين لفظين ، فيشبّه ما لا أصل له في الإمالة بما يمال لاشتراكهما في لفظ الألف وذلك على مراتب منها ما تقوى فيه الإمالة ، ومنها ما يجوز ، وليس بقوي ، ومنها ما يقبح ، وقد تكلّم به على فتحه ، ومنها ما جاء شاذا تكلمت به العرب ، وأنت تقف على جميع ذلك مما أسوقه من كلام سيبويه.
قال سيبويه : " فالألف تمال إذا كان بعدها حرف مكسور ، وذلك قولك : عابد وعالم ومساجد ومفاتيح وعذافر وهابيل ، وإنما أمالوها للكسرة التي بعدها ، أرادوا أن يقرّبوها منها كما قربوا في الإدغام الصاد من الزاي حين قالوا صدر ، فجعلوها بين الصاد والزاي ، فقربوها من الزاي والصاد التماس الخفة ، لأن الصاد قريبة من الدال فقربوها من أشبه الحروف من موضعها بالدال ، وبيان ذلك في الإدغام ، فكما يريد في الإدغام أن يرفع لسانه من موضع واحد كذلك يقرب الحرف إلى الحرف على قدر ذلك فالألف قد تشبه الياء فأرادوا أن يقربوها منها"
قال أبو سعيد : اعلم أن الصاد والدال متقاربا المخرج ، وبينهما على تقاربهما اختلاف في كيفيتهما ، وذلك أن الصاد مهموسة والدال مجهورة والصاد مطبقة مستعلية وليست الدال كذلك والصاد رخوة والدال شديدة والصاد من حروف الصفير ، وليست الدال منها ، فلهذا التباين استثقلوا تحقيق الصاد وبعدها الدال فاختاروا حرفا من مخرج الصاد يوافق الدال في بعض ما خالفتها الصاد فيه ، وذلك الحرف الزاي لأن الزاي مجهورة مثل الدال وليست بمستعلية ولا مطبقة ، كما أن الدال كذلك فجعلوا الصاد بين الصاد