يريد أنهم لم يميلوا الألف في مال إذا أمالوا الألف في ذا ، ولم يجعلوه بمنزلة عمادا ، لأن الألف الثانية في عمادا طرف وليست في مال طرفا ، فشبهت ألف مال بألف فاعل فلم تمل. فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
هذا باب من إمالة الألف يميلها فيه ناس من العرب كثير
" وذلك قولك : نريد أن نضربها ، ونريد أن ننزعها ، وذلك لأن الهاء خفيّة والحرف الذي قبل الحرف الذي يليه مكسور فكأنه قال : نريد أن نضربا ، كما إنهم قالوا : ردّها كأنه قال ردّا ، فلذلك قال هذا من قال ردّ وردّه ، صار ما بعد الضاد في يضربها بمنزلة علما ، وقالوا في هذه اللغة : منها ، فأمالوا وقالوا في مضربها وبها وبنا ، وهذا أجدر لأنه ليس بينه وبين الكسرة إلا حرف ، فإذا كانت تمال مع الهاء وبينها وبين المكسورة حرف فهي إذا لم يكن بين الهاء وبين الكسرة شيء أجدر أن تمال ، والهاء خفية ، فكما تقلب الألف للكسرة ياء كذلك أملتها حيث قربت منها هذا القرب"
قال أبو سعيد : يريد أن الهاء لخفائها لا يعتدّ بها ، وكأنها ليست في الكلام ، فصار أن تضربها بمنزلة تضربا ، والكسرة إذا كانت بينهما وبين الألف حرف أميلت الألف كقولنا صفاف وجمال وكلاب وما أشبه ذلك ، ثم استدل على أن الهاء بمنزلة ما لا يعتد به أنهم قالوا : ردّها ، ففتحوا الدال كأن بعدها الألف ، والألف توجب فتحها ولم يعتدوا بالهاء ، والذين قالوا : ردّها بعضهم يقول : ردّ وردّه ، فعلم أن الدال فتحت من أجل الألف لا من أجل نفسه ولا من أجل الهاء ، والإمالة في بها وبنا أقوى منها في يضربها لأنه قبل الهاء كسرة في هذا وقبل الهاء فتحة في يضربها ، قال سيبويه :
" وقالوا : بيني وبينها ، فأمالوا في الياء كما أمالوا في الكسرة ، وقالوا : نريد أن نكيلها ولم نكلها ، وليس شيء من هذا تمال ألفه في الرفع إذا قال : هو يكيلها وذلك أنه وقع بين الألف وبين الكسرة الضمة فصارت حاجزا فمنعت الإمالة لأن الباء في قولنا : يضربها فيه إمالة ولا يكون في المضموم إمالة كما لا يكون في الواو الساكنة إمالة ، وإنما كان في الفتح لشبه الياء بالألف".
قال أبو سعيد : يريد أن الضمة إذا كانت قبل الهاء منعت الإمالة ولم تكن بمنزلة الفتحة التي قبل الهاء ، لأن الفتحة يمكن أن تميلها وتنحو بها نحو الكسرة كما تميل