يصعّدوا ألسنتهم أرادوا أن يكونوا في حال استعلاء وأن لا يعملوا الإصعاد بعد التسفل فأرادوا أن تقع ألسنتهم موقعا واحدا. وقالوا : " قسوت" و" قسمت" لأنهم انحدروا وكان الانحدار أخف عليهم من الاستعلاء من أن يصعّدوا في حال التسفل وذلك قولك : الصّفاف والصّعاب والطّباب والقباب والقفاف والخباث والغلاب ، وهو في معنى المغالبة من قولك غالبته غلابا وكذلك ما كان بالظاء نحو الظّماء والظّباء. وجملة هذا الكلام أن حروف الاستعلاء في تأخرها عن الألف أشد منعا للإمالة منها في تقدمها على الألف ، فتأخرها ما ذكره في المناشيط والمعاليق والنافخ والنابغ وما أشبه ذلك ، ومنع الإمالة من الألف تشبيها ، ثم أجاز في الصّفاف والصّعاب والطّباب وما أشبه ذلك ، وجعل الفصل بينهما أنها إذا كانت متأخرة وأملنا الألف قبلها كان الناطق بها كأنه يصعد من سفل إلى علو ؛ لأن الإمالة استفال والنصب استعلاء ، والصعود من سفل إلى علو أصعب من النزول من علو إلى سفل. وإذا كان حرف الاستعلاء قبل الألف وأملت فأنت في علو من موضع حرف الاستعلاء ثم تنزل منه إلى الإمالة ، فلذلك كان هذا أخف.
وشبهه سيبويه بأن القاف إذا كان بعد السين قلب لها السين إلى الصاد ، وإذا كانت قبل السين لم تقلب إلى الصاد لأنها إذا كانت بعد السين ، ففي السين تسفّل وفي القاف صعود واستعلاء ، فقلبوا السين إلى الصاد حتى يستعلي لأن الصاد من الحروف المستعلية. وإذا كانت القاف قبل السين فأنت في استعلاء ثم تنزل إلى السين وذلك مما يخف فلا حاجة بك إلى قلب السين صادا.
قال : " ولا يكون في قائم وقوائم إمالة" كما كان في صفاف وقفاف وما أشبه ذلك ، لأن صفافا فيها كسرة أقرب إلى الألف من حرف الاستعلاء وليس في قائم كسرة قبل الألف.
" فلما كانت الفتحة تمنع الألف الإمالة في عذاب وتابل كان الحرف المستعلي مع الفتحة أغلب إذ كانت الفتحة تمنع الإمالة ، فلمّا اجتمعا قويا على الكسرة".
يعني اجتمع حرف الاستعلاء والفتحة.
قال : " وإذا كان أول الحرف مكسورا وبين الألف والكسرة حرفان أحدهما ساكن ، والساكن أحد هذه الحروف فإن الإمالة تدخل الألف ، لأنك كنت تميل لو لم يدخل الساكن للكسرة ، فلما كان قبل الألف مع حرف تمال معه الألف صار كأنه هو المكسور وصار بمنزلة القاف في قفاف ، وذلك قولك : ناقة مقلات". وهي التي لا