وَعَشِيًّا)(١).
وهذا غير منكر ؛ لأن الأسماء الأعلام يجوز تنكيرها بعد وقوعها معارف ، فيكون لفظ المعرفة والنكرة سواء ، كقولك هذا زيد من الزيدين ، وجاءتني سعاد وسعاد أخرى.
وأما" سحر" فإنه يكون معرفة بغير ألف ولام إذا كان ظرفا ، وإذا لم يكن ظرفا لم يجز طرح الألف واللام منه إذا أردت تعريفه كقولك : ما رأيته مذ السّحر ، وقد رأيته عند السحر الأعلى ، ولا يجوز أن تقول : رأيته عند سحر الأعلى.
هذا باب الألقاب
قال سيبويه : إذا لقبت مفردا بمفرد أضفته إلى اللقب كقولك : هذا سعيد كرز ، وهذا قبس قفّة ، وهذا زيد بطّة.
كأنه كان اسمه سعيد ولقب بكرز واسمه قيسا ولقب بقفة ، واسمه زيدا ، ولقب ببطة ، فأضيفت هذه الأسماء المفردة إلى هذه الألقاب ، وجعلت الألقاب معارف ؛ لأنها تجري مجرى الأعلام.
وإنما أضيفت ؛ لأن أصل أسمائهم اسم مفرد أو مضاف ، فالمفرد : زيد ، وعمرو ، والمضاف عبد الله وامرؤ قيس ، وكنية ، هي مضافة لا غير كقولنا : أبو زيد ، وأبو عمرو وأم جعفر وأم الحمارس (٢) ، وليس لهم اسمان مفردان يستعمل كل واحد منهما مفردا ، فلو جعلوا" سعيدا" مفردا و" كرزا" مفردا لخرجوا عن منهاج أسمائهم في اسمين مفردين لشخص واحد ، وإذا أضافوا فله نظير.
وإن لقبوا من اسمه مضاف أفردوا اللقب كقولهم : هذا عبد الله بطة ؛ لأنه يصير بمنزلة قولنا : أبو بكر زيد ، فعبد الله بمنزلة أبي بكر ، وزيد بمنزلة بطة ، وهذه الألقاب متى لقبت بها أشياء ، صار تعريفها بغير ألف ولام ، وخرجت عن التعريف الذي كان لها بالألف واللام ، كما أنا إذا قلنا : الشمس لم يكن معرفة إلا بالألف واللام ، ثم نقول : عبد شمس فيكون تعريفه بغير ألف ولام لمّا وضعناه اسما.
فإن قال قائل : فما أحوجنا إلى تعريف الشمس بالألف واللام ولا شمس غيرها في
__________________
(١) سورة مريم ، من الآية ٦٢.
(٢) الحمارس : الشديد ، وهو اسم للأسد. انظر اللسان (حمرس).