وكذلك الياء في" ثمان" زائدة ، ألا ترى أنك تقول : ثمنت القوم وأنا ثامنهم ، وكذلك صحار وعذار ومثل ذلك : هذه قلنس وعرق ، والعرق : جمع عرقوة الدّلو؟ وهى السّليب ، والقلنس جمع قلنسوة ، ولكنهم قلبوه ياء ؛ لأنه ليس في الأسماء اسم آخره واو والإعراب يقع عليه ، فتقرّ واوا بل تقلب ياء ويكسر ما قبلها ، ونحو ذلك ، دلو وأدل وحقو وأحق ، وكان الأصل أدلو وأحقو مثل كلب وأكلب وفلس وأفلس ، فلما وقعت الواو طرفا وقبلها ضمة قلبت ياء.
قال الشاعر :
حتّى تفضي عرقي الدّليّ (١)
وقال الآخر :
لا مهل حتّى تلحقي بعنس |
|
أهل الربّاط البيض والقلنسي (٢) |
وإنما القلنسي و" العرقي" جمع لقلنسوة ، وعرقوة على من جعل بين الواحد والجماعة الهاء كتمرة وتمر ، وشعيرة وشعير." وعنس" المذكور في البيت قبيلة من اليمن من مذحج ، منهم الأسود العنسي الذي ادعى النبوة. وفى هذه الجملة خلاف بين الخليل وسيبويه ، وبين يونس ، فأما الخليل وسيبويه فمذهبهما أن كل ما كان آخره ياء زائدة أو أصلية منقلبة من واو ، نكرة كان أو معرفة مما ينصرف نظيره ، أو لا ينصرف فإنه في حال الجر والرفع منون إلا أن يضاف أو تدخل عليه الألف واللام ، وأما في النصب فإن كان منصرفا حركته ونونته وإن كان غير منصرف فتحته ولم تنون.
فأما المنصرف فقولك رأيت غازيا وراميا ، وأما غير المنصرف فقولك : رأيت جواري وصحارى.
وأما يونس فإنه كان يوافقهم على ذلك في النكرات ويخالفهم في المعارف ، فيقول في جواري ، وصحارى وما جرى مجراه ، إذا لم يكن اسم شيء بعينه : هذه جوار وصحار ولا بد له من ذلك ؛ لأن القرآن قد جاء فيه تنوين ذلك بلا خلاف.
قال الله عزوجل : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)(٣). ونظيره من الصحيح لا ينصرف ؛ لأن" غواشي" فواعل ، وفواعل لا ينصرف في معرفة ولا في
__________________
(١) بلا نسبة في الكتاب ٣ / ٣٠٩ ، وابن يعيش ١٠ / ١٠٨ ، والخصائص ١ / ٢٣٥ ، واللسان (عرق).
(٢) بلا نسبة في الكتاب ٣ / ٣١٧ ، وابن يعيش ١٠ / ١٠٧ ، والاقتضاب ١٣٦ ، واللسان (ربط).
(٣) سورة الأعراف ، من الآية ٤١.