منهما ساكن قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فجاءت" بنات ألببه" و" حيوة" و" ضيون" على الأصل ولم يستعمل فيه التغيير وما يوجبه القياس في نظائره كما جاء (استحوذ عليهم الشّيطان) ونظيره استعاذ واستجار وأصلة استجور فاعلم ، ولم يستعمل في استحوذ ما استعمل فيهما فلم نعدل عن استعمالهم وإن كان خارجا عن القياس ، وكذلك إن سمينا رجلا بألبب لم ندغم. وإن سميناه ب" حيوة" أو ضيون لم نقلب تسليما لما قالته العرب ، كما سلمنا ذلك في استحوذ فاعرف ذلك.
هذا باب إرادة اللفظ بالحرف الواحد
قال سيبويه : قال الخليل يوما وسأله أصحابه كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا بالكاف التي في" لك" ، والتي في" مالك" والباء في" ضرب" فقيل له نقول : " باء" ، " كاف" فقال : إنما جئتم بالاسم ولم تلفظوا بالحرف وقال : أقول : كه ، وبه.
قال أبو سعيد : جملة ما في هذا الباب من هذا النحو أنك إذا لفظت بالحرف المتحرك ووقفت عليه زدت عليه هاء الوقف مفتوحا كان أو مضموما أو مكسورا تقول في الكاف من لك : " كه" وفى الباء من يضرب" به" وفى الرّاء من" يضرب"" ره" فإذا كان الحرف ساكنا أدخلت ألف الوصل عليه فقلت في الباء من اضرب" إب" وفى الياء من في : " إي" وهذا ما لا يختلف فيه أصحابنا ، ثم اختلفوا إذا سميت رجلا بحرف من هذه الحروف فما كان من ذلك متحركا ففيه أربعة أقوال وما كان ساكنا ففيه ستة أقوال ، فأما المتحرك فإنه على قول سيبويه يصيره ثلاثة أحرف بأن يزيد فيه حرفين من جنس حركته فيقول في رجل سمي بالضّاد من" ضحى" : ضوّ.
زادوا فيه واوين لضمة الضاد ، وذلك أن الاسم الذي يتصرف أقله من ثلاثة أحرف ، فلما صيرناه اسما ، زدنا فيه حرفين من جنس حركته وكان ذلك أولى ؛ لأن عامة المحذوفات يحذف منها الياء ، والواو ، ك" أب" ، " وابن" ، و" اسم" وما أشبه ذلك فصارت الضاد لما احتجنا لها إلى الزيادة كأنها قد حذفت منها حرفا مد ولين فتردهما إليها ، وإذا سمينا بالضاد من" ضرب" قلنا : (ضاء) ؛ لأنا نزيد ألفا من جنس فتحة الضاد ، وألفا أخرى لتمام الاسم حتى يكون على ثلاثة أحرف ، والألف لا تتحرك فجعلت همزة.
وإذا سمينا بالضاد من" ضراب" قلنا ضي ، وإنما احتاج الاسم إلى ثلاثة أحرف لما يلحقه من التصغير والجمع ، وقد ذكرنا ذلك في موضعه.