الخلق ومن كل أحد ولا تبعيض.
قال : " وكذلك إذا قال : أخزى الله الكاذب مني ومنك ، إلا أن هذا وأفضل منك لا يستغنى عن" من" فيهما لأنه توصل الأمر إلى ما بعدها".
قال أبو سعيد : ومعنى أخزى الله الكاذب منا وابتداء الخزي من قال أحدهما : ويحتاج إلى" من" لبيان المعنى كما احتاجت إليه في" أفضل من زيد".
قال : " وقد تكون باء الإضافة بمنزلتها في التوكيد ، وذلك قولك : ما زيد بمنطلق ولست بذاهب" أراد أن يكون مؤكدا حيث نفى الانطلاق والذهاب وكذلك كفى بالشهب ، لو ألقى الباء استقام الكلام قال الشاعر :
كفى الشّيب والإسّلام للمرء ناهيا (١)
قال أبو سعيد : إنما ذكر باء الإضافة ليجعلها نظير من في الزيادة وتوكيد الجحد في قوله : ما أتأنى من رجل ومن واحد.
قال : " وتقول رأيته من ذلك الموضع فجعلته غاية رؤيتك كما جعلته غاية حيث أردت الابتداء والمنتهى".
قال أبو سعيد : ومعنى هذا أنك ترى شيئا في مكان فتقول : رأيته من ذلك المكان ، فكان ذلك المكان منه ابتداء رؤيتك إذا لم تصح الرؤية إلا منه قال : " وأل تعرف الاسم في قولك : القوم والرجل".
قال أبو سعيد : أفرد أل التي تعرف الاسم وجعلها من حيز ما جاء على حرفين من الحروف لأنها يبتدأ بها كذلك.
قال : " وأما مذ فتكون لابتداء غاية الأيام والأحيان كما كانت من فيما ذكرت لك : ولا تدخل واحدة منهما على صاحبتها ، وذلك قولك : ما لقيته مذ يوم الجمعة إلى اليوم ، ومذ غدوة إلى الساعة ، وما لقيته مذ اليوم إلى ساعتك هذه ، فجعلت اليوم أول غايتك ، فأجريت في بابها كما جرت من حيث قلت من مكان كذا إلى مكان كذا ، وتقول : ما رأيته مذ يومين فجعلتها غاية ، كما قلت أخذته من ذلك المكان فجعلته
__________________
(١) البيت لسحيم عبد بني الحسحاس انظر ديوانه ١٦ ، وسيبويه ٢ / ٣٠٨.