قال : " وأما قول فتقول : قولك أن تفعل كذا وكذا ، أي ينبغي لك فعل كذا وكذا ، وأصله من التناول ، كأنه قال : تناولك كذا وكذا ، وإذا قال لأنولك فكأنه قال : أقصر : ولكن صار فيه معنى ينبغي لك".
قال أبو سعيد : يستعمل نولك للشيء الممكن تناوله ، ويشار بتناوله ، ويقال : نولك أن تفعل كما يقال ينبغي لك أن تفعل.
قال : " وأما" إذا" فلما يستقبل من الدهر ، وفيها مجازاة ، وهي ظرف ، وتكون للشيء توافقه في حال أنت فيها ، وذلك قولك : مررت فإذا زيد قائم ، وتكون إذ مثلها أيضا ولا تليها إلا الفعل الواجب ، وذلك قولك : بينما أنا كذلك إذ جاء زيد ، وقصدت قصده إذ انتفح عليه فلان فهذا لما توافقه وتهجم عليه مع حال أنت فيها".
قال أبو سعيد : اعلم أن إذا التي للموافقة كان أبو العباس محمد بن يزيد يقول : إنّها ظرف من المكان ، فيجوز أن تقول : خرجت فإذا زيد كأنه قال : فحضرني زيد ، كما تقول : أمامي زيد قائم ، وخرجت فإذا زيد قائما كقولك أمامي زيد قائما ، وكان الزجاج يقول : إذا على كل حال للزمان ، وأن قولهم : خرجت فإذا زيد كأنه قال : خرجت فالزمان حضور زيد أو قال فللزمان مفاجأة زيد ، لأنه قد فاجأه وإذا قال : فإذا زيد قائم فتقديره : فالزمان زيد قائم فتقديره تقدير الزمان ، وإذا انفرد زيد بعدها قدرت زيدا تقدير الحضور والمفاجأة ، لأن ظروف الزمان تكون أخبارا للمصادر فإذا قلت : " بينما" فبينما هو زمان مضاف إلى ما بعده من ابتداء وخبر أو فعل وفاعل وإذا قلت بينما زيد قائم جاء عمرو فهو الوجه المختار ، إلا أن يدخل على جاء إذا ، قال الشاعر :
فبينما نحن ننظره أتانا |
|
معلق وفضة وزناد راع |
وقد جاء بينما زيد قائم إذ جاء عمرو ، فمن الناس من يقول : إن إذ زائدة ، ومن الناس من يقول : أن إذ خبر لبينما ، كأنا قلنا : وقت زيد قائم وقت جاء عمرو ، وربما أدخلوا إذا مكان إذ ، لأنه زمان يحتمل فيه المضي والاستقبال ، لأنه غير منقطع وهو ممتد ، قال الشاعر :
استقدر الله خيرا وارضين به |
|
فبينما العسر إذ دارت مياسير |
وبينما المرء في الأحياء مغتبط |
|
إذا هو الرّمس تعفوه الأعاصير |
فجاء بإذ في البيت الأول وبإذا في البيت الثاني ، ويجوز أن تكون بينما وإذ جميعا ظرفين لما بعد بينما ، وبعض الناس يجعلها زائدة مع بينما. وقد قال أبو عبيدة : أن إذ