زائدة في مثل قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)(١) ، وقد رد أصحابنا هذا ، وحملوا ما لم يكن فيه فعل ظاهر يعمل على إضمار اذكر ، كأنه قال : واذكر إذ قال ربك للملائكة.
" وأما لكن خفيفة وثقيلة فتوجب بها بعد نفي".
قال أبو سعيد : وإنما كانت كذلك لأنها للاستدراك ، فلا تقع مبتدأة.
قال : " وأما سوف فتنفيس فيما لم يكن بعد ، ألا تراه يقول : سوفته. وأما قبل فللأول ، وبعد للآخر وهما اسمان يكونان ظرفين ، ومعنى كيف على أي حال وأين أي مكان ، ومتى أي حين ومتى وأي حين زمان".
قال أبو سعيد : وللقائل أن يقول : إذا كان معنى كيف على أي حال فلم لا تقول :
على كيف زيد كما تقول على أي حال زيد ، وفي أي مكان زيد؟
فالجواب أن كيف هو اسم زيد ، كأنا قلنا : أصحيح زيد أم مريض؟ أعاقل زيد أم أحمق؟ فإنما جاء بذلك على المعنى ، لأن الإنسان إذا كان صحيحا فهو على صحة ، وإنما تضيق عنها عبارة تبين للسامعين وأكشفها.
قال سيبويه : " وأما حيث فمكان بمنزلة قولك في المكان الذي فيه زيد ، وهذه الأسماء لا تكون إلا ظروفا" يعني أين ومتى وحيث.
" وأما خلف فمؤخر الشيء ، وأمام مقدمه ، وقدام بمنزلة أمام ، وفوق أعلى الشيء. وقالوا : فوقك في العلم والعقل على نحو المثل ، وهذه أسماء تكون ظروفا وليس نفي ، وأي مسألة ، ليتبين لك بعض الأمر ، وهي تجري مجرى ما في كل شيء ، ومن مثل أي أيضا ، إلا أنه للناس وأنّ توكيد كقوله أن زيدا منطلق ، وإذا خففت فهي كذلك تؤكد ما تكلم به ، غير أن لام التوكيد تلزمها عوضا لما حذفت منها".
قال أبو سعيد : إن إذا خففت من إن المشددة ففيها مذهبان : أحدهما أن تعمل مخففة كعملها مشددة ، فإذا كانت كذلك فأنت مخير في دخول اللام بعدها ، كما كنت مخيرا في المشددة ، تقول : إن زيدا قائم ، وإن زيدا لقائم ، كما قلت : إن زيدا لقائم. فإذا أبطلت عملها لزمتها اللام لتكون فصلا بينها وبين أن التي بمعنى ماه تقول : إن زيد لقائم إذا أردت الإيجاب ، وإذا أردت الجحد : إن زيد قائم ، فاللام وتركها تفصل بينهما وهذه
__________________
(١) سورة البقرة الآية : ٣٤.