قال : " وقد أبدلوا التاء من الياء إذا كانت لاما".
وفي بعض النسخ من الواو إذا كانت لاما ، وذلك قولهم : أمنتوا إذا أصابهم القحط والشدة ، وكان ينبغي أن يكون أسنى القوم يسنون لأنه أفعل من سنة وأصلها على هذه اللغة سنوة ، ألا ترى أنه يقال سنة وسنوات ، ولكنهم قلبوا منها تاء فرقا بين معنيين ، وذلك أنه يقال : أسنى القوم يسنون إذا أتى الحول عليهم ، وهو السنة ، فإذا أصابتهم السنة وهي الشدة الشديدة ، اسنتوا لأنهم لو قالوا أسنوا في القحط والسنة المجدبة لالتبس بحلول السنة عليهم. وأما اختلاف النسخ في الياء والواو فهو محتمل ، وذلك أن الأصل في الكلمة الواو لأنها سنوة ، فإذا قال التاء منقلبة من الواو على هذا التأويل فهو وجه ، وهذه الكلمة وإن كان أصلها الواو فإنها تنقلب ياء في الفعل لأنها وقعت رابعة ، والواو إذا وقعت رابعة في الفعل انقلبت ياء فجاز أن يقال : إن التاء منقلبة من الياء على هذا. وذكر بدل الدال من التاء في افتعل وذلك إن كان فاء الفعل أحد ثلاثة أحرف الزاي والذال والدال نحو : افتعل من زجر وهو ازدجر ، ومن ذكر ادكر ، ومن دلج ادلج ، وكان الأصل ارتجر واذتكر وادتلج ، فاجتمع الزاي مع التاء ، والذال والدال مع التاء ، وهي متقاربات المخارج وهي مختلفات في الهمس والجهر ، وذلك لأن التاء مهموسة وهذه الحروف مجهورات والدال مجهورة تشاكل الزاي والدال في الجهر وهي مخرج التاء ، فتوسطت بين التاء وبين هذه الحروف ، فجعلت مكان التاء وتركوا التاء لأن النطق بحرفين متقاربين من غير إدغام مستثقل ولا سيما إذا اختلفا في الهمس والجهر. فإن قيل : فهلا اختاروا الطاء وهي من مخرج التاء مجهورة؟ قيل : لمخالفة التاء لهذه الحروف في الإطباق والاستعلاء ، فإذا بنيت افتعل وفاء الفعل حرفا من حروف الاستعلاء لم تقلب التاء دالا بل تقلبها طاء لمشاكلة الطاء لحروف الاستعلاء بما فيه من الاستعلاء والإطباق وذلك افتعل مما فاء الفعل منه صاد أو ضاد أو ظاء ، لأن هذه من حروف منطبقة مستعلية وليس في التاء إطباق ولا استعلاء فاختاروا حرفا من مخرج التاء مستعليا وهو الطاء فجعلوه مكان التاء فقالوا في افتعل من صبر اصطبر ومن صنع اصطنع ، وكذلك من ضجع اضطجع ومن ظلم اظطلم ، والأجود فيه الإدغام ، وهو أن تقول اظلم ومن طلع اطلع وسنقف على ألقاب هذه الحروف التي ذكرناها وسنشرحها إذا انتهيت إلى الإدغام ، فهذا الذي ذكرناه بدل الطاء وقد ذكر أيضا بدل الطاء من التاء في فعلت إذا كان لام الفعل حرفا من حروف الإطباق وهي لغة لبعض تميم وليست بالكثيرة كقولك : " فحصط برجلك" تريد" فحصت" ، و" حصط عني" يريدون" حصط عني" أي حدث ، وكذلك يقلبون الدال من تاء فعلت إذا