الأصل ما ذكرناه أن جمع ماء أمواه ومياه ثم ذكر عقيب بدل الميم من الواو فأراد أن يبين أن ذلك ليس بمطرد كما أن إبدال الواو تاء في تجاه وتخمة وما أشبه ذلك ليس بالمطرد الكثير وقوله :
" فأبدلوا الهمزة منها إذ كانت تشبه الياء".
يعني إبدال الهمزة من الواو المضمومة ، لأن الهمزة تشبه الباء وسائر حروف المد واللين لأنها تنقلب إليهن وينقلبن إليها.
وذكر" بدل الجيم من الياء المشددة في الوقف نحو علج وعوفج يريد عليّ وعوفّي" والسبب في ذلك أن الياء من مخرج الجيم لأنها من وسط اللسان إلا أن الجيم أبين في الوقف من الياء. وقد قال الجرمي وغيره : أن الجيم قد تكون أيضا بدلا من الياء الخفيفة في الوقف كما تكون بدلا من الياء الشديدة فالشاهد في الياء الشديدة قوله :
خالي عويف وأبو علج |
|
المطعمان الشّحم بالعشج |
وبالغداة فلق البرنج
والشاهد في المخفف قوله :
يا رب إن كنت قلبت حجّتج |
|
فلا يزال شاحج يأتيك بج |
أقمر نهات ينزي وفرتج
وقد أنشدوا في ذلك أيضا :
حتى إذا ما أمسجت وأمسجا
أراد أمسيت وأمسي ، وإنما قلب الجيم من ياء أمسيت لأن الألف في أمسي منقلبة من ياء أمسيت.
ثم ذكر" بدل النون من الهمزة في فعلان فعلى" وذلك أنه يجعل النون في غضبان وسكران بدلا من الهمزة كان الأصل عنده في سكران سكراء ، وفي غضبان غضباء ، ولذلك لم ينصرف سكران وغضبان ، ومن وجه آخر وهو أن غضبان وسكران لا تدخل عليهما هاء التأنيث ، فلا يقال سكرانة.
فإن قيل : فلم جعلتم الهمزة هي الأصل للنون دون أن تكون النون أصلا للهمزة؟ قيل له لعلتين : أحدهما أنّا رأيناه غير منصرف ، والأصل في منع الصرف الألف أعني ألف التأنيث لا النون ، بل النون محمولة في باب ما لا ينصرف على ألف التأنيث في منع