الصرف ، والعلة الثانية أنّا رأينا الهمزة في صنعاء وبهراء أبدل منها النون في النسبة فقالوا بهراني وصنعاني ، والكلام في هذا مستقصى في باب ما لا ينصرف وما لا ينصرف. ثم قال عقيب ذلك : " كما أن الألف بدل من ألف حمرى".
يعني أن الهمزة في حمراء أصلها ألف ، وذلك أن علامة التأنيث إنما هي بالألف لا بالهمزة ، ألا ترى أن سكرى وبها علامة التأنيث فيها الألف ، ولكن الألف في سكرى وريّا ليس قبلهما ما يوجب قلب الألف من أجله همزة. وأما حمراء وصفراء وما أشبه ذلك فزيدت فيها ألفان : الأولى منهما للمد كالألف في حمار ، وليست بعلامة للتأنيث ، والألف الثانية لعلامة التأنيث كألف سكرى ، ولأنها وقعت بعد ألف ، ولا يجوز أن يجتمع ألفان ، فقلبت ألف التأنيث همزة لقرب مخرج الهمزة من الألف ، لأنه لا بد من تحريك الألف الثانية أو حذف الأولى ، ولو حذفنا الأولى لالتبس المقصور بالممدود ، وقد مضى نحو هذا.
ثم ذكر سيبويه : " إبدال اللام من النون ، وذلك قليل جدا ، قالوا : أصيلان وإنما هو أصيلان".
اعلم أن اللام لم تدخل فيما عقد به سيبويه الباب من حروف البدل ولا دخلت في عددها ، وقد ذكرها هنا ، وإنما أبدلت اللام من النون لأنهما من مخرج واحد ، فإن كان أصلان جمعا فصغر على أصيلان فهذا تصغير شاذ لأن التصغير في الجمع غير جائز إلا في أربعة أبنية وهي أبنية الجمع القليل : أفعل نحو أكلب وأفعال نحو أجمال وأفعلة نحو أحمرة وفعلة نحو غلمة وغزله وصبية ، وان كان أصلان جمع أصيل كما يقال رغيف ورغفان فهو شاذ إذ كان هذا الجمع لا يصغر ، ويكون مع شذوذه محمولا على أفعال ، وان كان أصلان واحدا كما يقال رمان وربان كان تصغيره على أصيلان غير شاذ ثم ذكر إبدال الواو ، فذكر أنها" تبدل مكان الياء إذا كانت فاء في موقن وموسر ونحوهما".
وإنما انقلبت الياء واوا في موسر ، لأن الأصل فيه ميسر لأنه من اليسار ومن قولك أيسر ، فانضمت الميم والياء ساكنة فقلبناها واوا ، فإذا انفتحت الميم في الجمع عادت الياء فقلنا مياسير ومياقين.
قال : " وتبدل مكان الياء في عم إذا أضفت" إلى رحى وإلى عم إضافة النسبة قلت : عمويّ ورحويّ. فأما رحويّ فلو لم تقلب الياء واوا لوجب أن تقول رحييّ ، فكنت تجمع بين ثلاث ياءات والكسرة كأنها ياء فيصير كأنك جمعت أربع ياءات وذلك