يعني نسبته" أو ثنيت ، وذلك قولك : حمراوان وحمراوي" ، وإنما قلبت الهمزة واوا لأنها في التثنية في حال الرفع تصير حمراوان ، فتقع الهمزة بين طرفين ، والهمزة تشبه بالألف لأنها من مخرجها فتصير بمنزلة ثلاثة ألفات ، فقلبت الهمزة واوا وكان أولى من الياء ، لأن الياء أقرب إلى الألف من مخرجها ومذهبها ، والياء تقارب الألف ، فكانت الواو أولى. ثم لزم ذلك في حمراوين وحمل حمراوي على حمراوين.
قال : " وتبدل مكان الياء في فتوى وفتو وذلك قليل ، كما أبدلوا مكان الواو في عني وعصي ونحوهما".
يعني أن الفتو كان حكمه أن يكون الفتي ، والفتوة الفتية ، لأن الفتو جمع فتى ، والفتوة مصدره وأصلها الياء لأنك تقول فتى وفتيان ، وهؤلاء فتية وفتيان وكان ينبغي أن يكون الفتى ، لأن فتو فعول ولام الفعل ياء فيكون على فتوى ، وتجتمع الواو والياء والأول منهما ساكن ، فتقلب الواو ياء وتدغم الياء في الياء ثم تكسر التاء لتسلم الياء ، وإنما قالوا فتوة فقلبوا الياء واوا لأن أكثر ما جاء من المصادر على فعولة من ذوات الواو ، كقولهم : الأبوة والبنوة والأخوة فحملوا الياء على الواو لأن الباب للواو ، مثل ذلك قولهم : الشكاية ، وكان ينبغي أن تكون الشكاوة لأنها من ذوات الواو ، لأنك تقول : شكا يشكو ، ولكنهم حملوا الشكاية على ذوات الياء ، لأن فعالة في المصادر لذوات الياء ، كقولهم : ولاية وسعاية ووشاية وما أشبه ذلك. وأما فتو فهو شاذ من وجهين : أحدهما أنه من الياء ، وصير واوا ، والآخر أن الواو في مثل هذا الجمع حكمها أن تصير ياء ، كقولهم : عات وعتى وعصا وعصى ، والأصل فيهن الواو لأنك تقول : عتا يعتو وجثا يجثو وعصا وعصوان ، وهذا يحكم في موضعه والذي عندي أن فتو في الجمع محمول على مصدره ، لأن المصدر قد حصل فيه الخروج عن القياس ، وحمله على غيره بالتأويل الذي ذكرناه ، فحمل الجمع على الواحد ليجريا مجرى واحدا.
ثم قال : " كما أبدلوا مكان الواو في عتى وعصى ونحوهما" ، يعني أن الأصل كان فيه أن يقال عتو وعصو لأنه فعول ، وهو جمع اجتمع فيه واوان : إحداهما لام الفعل والأخرى واو فعول. غير أنهم استثقلوا هذه الواو المشددة لا سيما وهو في جمع ، والجمع أثقل من الواحد ، وقد يلحق هذه الواو المشددة الضم فيزيدها ثقلا إلى ثقل ، وقد رأيناهم يقلبون هذه الواو ياء في الواحد ، وهو أخف من الجمع فيقولون فيه مغزو مغزي وفي معدو معدي. قال الشاعر :