إطاع يقال أسطاع بقطع الألف وزيادة الهاء في إهراق والسين في أسطاع ؛ إنما هي عوض من ذهاب عين الفعل منها ونقلها إلى ما قبلها ، وذلك أن الأصل في إراق وأطاع أروق وأطوع فأعلت الواو وألقيت حركتها على ما قبلها ؛ فكان زيادة الهاء والسين عوضا من ذلك ، وأما قوله : " كما جعلوا ياء أينق وألف يمان عوضا".
يعني أن الأصل في أينق أنوق لأنه جمع ناقة والأصل في ناقة نوقة فجمع على أفعل ، ثم استثقل الضم على الواو فحذفت الواو وعوض منها الياء في أينق ؛ فإن قال قائل فهلا عوضت الياء في موضع الواو قيل له لو عوضت الياء في موضع الواو فقالوا أنيق جاز أن يتوهم متوهم أن الياء ليست بعوض ، وأن الألف في ناقة بدل من الياء ، وأن الأصل نيقة وعوضوها في غير موضعها ليزول ذلك التوهم وأما ألف يمان فالأصل فيه يمني لأنه منسوب إلى اليمن فأبدلوا ألف يمان من إحدى الياءين ، ومنهم من يقول يماني ، ومن قال ذلك فإنما نسب إلى منسوب كأن نسبنا مكانا إلى اليمن فقلنا يمان ، ثم نسبنا إلى يمان فقلنا يماني كما لو نسبنا إلى صحار فقلنا صحاري ، ومن العوض للمحذوف قولهم ارمه وعه الأصل ارمي وعي فحذفت الياء للجزم فعوضت الياء التي حذفت للجزم غير أن الهاء في عه وما كان مثله نحو قه ، وما أشبه ذلك لازمة عوضا لأن الفعل يبقى على حرف واحد بعد سقوط الياء للجزم ، ولا يجوز النطق بحرف واحد لأنه من الابتداء بمتحرك والوقف على ساكن فجعلوا الهاء عوضا لأن ما في عه وبابه لما ذكرناه ، وإما ارمه وما كان أكثر من حرفين فالهاء غير لازمة كقولك ارمه ، وإن شئنا ارم إذ لم يعوض.
هذا باب ما لحقته الزوائد من بنات الثلاثة
وألحق ببنات الأربعة حتى صارت على مثال دحرج بزيادة حروف مختلفة فيها ؛ وهي فعلل بزيادة حرف من جنس لام الفعل كقولك شملل وجلبب ، ومعنى شملل أخذ من النخل بعد لقاطه ما يبقى من ثمره ، وجلبب ألبسته الجلباب وهو القميص ، وفوعل كقولك حوقل وصومع ؛ إذ طول البناء أو غيره على هيئة الصومعة ، وفيعل نحو بيطر وهينم ، ومعناه تكلم كلاما خفيا وتقول جهور وهرول ومعناه أسرع وفعلى سلقى وجعبى ومعناه صرع يقال سلقيته سلقاة وجعوبته جعباة وفنعل قلنسته إذا ألبسته القلنسوة ؛ فهذه الأبنية الستة ملحقة بدحرج ودخلت هذه الزيادة عليها للإلحاق ، وليست هذه الزيادات بمنزلة الهمزة في أفعل والألف في قاتل وزيادة إحدى العينين في فعل ، وذلك أن مصادر تلك الأفعال الستة كمصدر دحرج وبابه تقول حوقل حوقلة وحيقا لا كقولك سرهف سرهفة