عاعيت وحاحيت فهو عند أصحابنا فعللت دون فاعلت وهو عندهم بمنزلة صلصلت ، وليس بمنزلة قاتلت ، واستدلوا على ذلك بمصدره لأنهم يقولون حاحاة وهاهاة وعاعاة ، وأصله حاحية وهاهية فقلبوا الياء ألفا لانفتاح ما قبلها وتحركها ، وصار حاحاة بمنزلة صلصلة ورقرقة في مصدر صلصل ورقرق.
ومعنى قوله : " والحاحاة والحيحاء بمنزلة الزلزلة والزلزال" يعني : أنه قد جاء لحاحيت مصدران يشبهان مصدر صلصلت ، لأنهم يقولون في باب صلصلت فعللة وفعلال نحو زلزلت زلزلة وزلزالا ؛ فالحاحاة بمنزلة الزلزلة ، والحيحاء بمنزلة الزلزال ؛ فكأن قائلا قال لسيبويه فقد رأيناهم يقولون في مصدره حاحاة وهي تشبه مصدر قاتلت تقول قاتلت مقاتلة ؛ فحاحاة بمنزلة مقاتلة قيل له وليست المحاحاة مفاعلة ، ولكنها مفعللة والأصل محاحيّة ، وقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها كقولهم معترسة إذا أردت به مرة واحدة ، وليست محاجاة بمفاعلة لأنها لو كانت كذلك لكانت مصدر فاعلت ، ولو كان الفعل على فاعلت ما كان ليجيء مصدره على فعللة ، وهي حاحاة فأما الألف في حاحيت فهي عند أصحابنا منقلبة من ياء كما قالوا في ييجل ياجل قالوا : وليست بمنقلبة من واو لأنها لو كانت كذلك فجاءت على الأصل كنظائره من قوقيت وزوزيت وضوضيت ولا يعرف شيء من الياء في هذا الباب على أصله فحمل على الياء لأجل ذلك ، قال بعض النحويين هذه الألف غير منقلبة من ياء ولا واو ، بل الياء في حاحيت منقلبة ، والأصل حاحا فإذا قيل حاحيت والياء منقلبة من ألف كقولنا في تثنية حبلى حبليان ؛ فالأصل الألف في حبلى ، ثم تصبر ياء في التثنية ، وإنما صار الألف في حاحا أصلها الألف ، ولم تكن منقلبة من قبل أن الألف فيه الصوت حا وحا الثانية تكرير للأولى فلما ركبا تغيرا فعلا ووقع التغير بالأخيرة منهما ، لأنهما لا يجوزان أن تقع ياء المتكلم على ألف في الفعل حتى تغير ، كما إذا وقعت ألف التثنية أو ياؤها على ألف غيرت الألف الأولى فصيرت ياء أو واوا.
قال سيبويه : " وكذلك الواوان ألحقت الحرف ببنات الأربعة والأربعة بالخمسة كانت الألف كذلك والياء" يعني : أن سبيل الواو كسبيل الألف والياء متى رأيناها ثانية أو ثالثة أو رابعة أو خامسة ، وفي الاسم ثلاثة أحرف سواها أصلية قضينا عليها بالزيادة كما كان كذلك حكم الألف والياء وإن كان الاسم الذي فيه الواو على وزن ذوات الأربعة