وقوله : " وأما فعلة إذا كانت مصدرا فإنهم يحذفون الواو منها" يعني : إذا جئنا بفعلة مصدرا للفعل الذي سقطت واوه لوقوعها بين ياء وكسرة كيعد ويزن وما أشبه ذلك سقطت الواو أيضا من المصدر وذلك لأنها تكون على وعدة فتنكسر الواو فيلقون كسرتها على العين ويحذفونها فيعلون هذه الواو في المصدر بسبب كسرها كما أعلوها في الفعل لوقوعها بين ياء وكسرة فإذا فتحت هذه الواو في المصدر لم تعل ولم تحذف فقالوا وعده وعدا ووعدة ووزنه وزنا ووزنة وإنما أجري المصدر على الفعل لأن المصادر تعمل عمل الأفعال وتقوم مقامها ألا تراهم قالوا سقيا ورعيا على معنى سقاك الله ورعاك وجعلوا الهاء التي في عدة عوضا من حذف الواو فلا يسقطون هذه الهاء البتة مع سقوط الواو إلا في ضرورة الشعر إذا أضافوا فيقيمون المضاف إليه مقام الهاء في التعويض قال الشاعر :
إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا |
|
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا (١) |
فإذا بنيت اسما على فعلة من وعد ولم تجعله مصدرا قلت وعدة كما قالوا ولدة جمع ولد وأما قولهم لدة فلأن في معنى أنه ممن ولد معه فإنما هو مصدر في الأصل سمي به المولود مع الإنسان كما قالوا أنت رجامي في معنى مرجوي حدهم ضرب في معنى مضروب وماء غور في معنى غائر فلذلك الدة مصدر لحقه به بالحذف ما يلحق المصادر ثم سمي بالمصدر المولود مع الإنسان وقوله : " وإنما جاز فيما كان من المصادر مكسور الواو إذا كان فعلة لأنه بعدد يفعل فيلقون حركة الفاء على العين كما يفعلون ذلك في الهمزة إذا حذفت بعد ساكن".
يعني أن وزنه على عدد يوزن لأن كل واحد منهما أربعة أحرف والثاني من وزنه ساكن كالثاني من يوزن لأن كل واحد منهما أوجبت سقوطها وكذلك وزنه فلما أعلوها في وزنة ألقوا حركتها على الزاي وأسقطوها ولم يكن قبل الواو شيء تلقى حركة الواو عليه فألقيت حركتها على ما بعدها وصارت بمنزلة إذا خففت وقبلها ساكن ألقيت حركتها على ما قبلها وسقطت هي.
هذا باب ما كانت الياء فيه أولا وكانت فاء
وذلك يسر ييسر ضرب بالقداح ويبس ييبس ويئل ييئل وهو انثناء الأسنان إلى
__________________
(١) انظر تاج العروس ١٩ / ٢٥٩ ، ديوان المتنبي ١٧٦ ، لسان العرب ١ / ٦٥١.