فعل من أجل أن المستقبل على يفعل كقولك يهاب ويخاف والأصل يهيب ويخوف وإذا كان المستقبل على يفعل ولم يكن عليه عين الفعل ولامه من حروف الحلق فحكم الماضي أن يكون على فعل كقولك عمل يعمل وفرق يفرق ، فأما طال وجاد فإنما حكم عليه أنه فعل دون فعل لأنه يقال طال فهو طويل ولا يقال طائل كما يقال قال وقام فهو قائل وقائم فصار طال بمنزلة ظرف وطويل بمنزلة ظريف ، وإذا قلت طال زيد عمرا على معنى غلبه في الطول فهذا هو فعل بمنزلة قام وقال وذلك من جهتين إحداهما أن يقال زيد طائل عمرا بمعنى غالب له في الطول والجهة الأخرى أنه متعد إلى عمر ، وفعل لا يكون متعديا ليس في الكلام مثل ظرف يتعدى إلى مفعول قال الشاعر في تعديه :
إن الفرزدق صخرة عادية |
|
طالت فلا تستطيعها الأوعال (١) |
أراد طالت الأوعال وغلبتها فلا تستطيعها الأوعال وإذا جعلت ما كان على فعل لنفسك أو لمخاطبيك من باب قال وباع فإنك تغير البناء ، فجاعل ما كان من ذوات الواو على فعل وما كان من ذوات الياء على فعل وذلك قولك في قال وقام قلت وقمت وفي باع وسار بعت وسرت ، وكان الأصل في قمت قومت فنقلوه إلى قومت ثم نقلوا ضمة الواو فألقوها على القاف وسكنوا الواو كما سكنوها في قام فلما سكنوها اجتمع ساكنان الميم والواو فسقطت لاجتماع الساكنين وكذلك أصل بعت بيعت على فعلت نقلوا كسرة الياء إلى الباء وسكنوا الباء كما سكنوها في باع ثم حذفوا الياء لاجتماع الساكنين فإن قال قائل وما الذي أحوج إلى هذا التغيير قيل له أرادوا الدلالة على ما كان من ذوات الواو وما كان من ذوات الياء فبنوا ذوات الواو على فعل وذوات الياء على فعل كما فرقوا بينهما في المستقبل فبنوا ذوات الواو على يفعل لا غير كقولهم يقوم ويقول ، وفي ذوات الياء يبيع ويسير فإن قال وكيف صار فعل المتكلم أولى بالتغيير من فعل الغائب وهلا فصلوا في فعل الغائب بين ذوات الياء والواو ولم نرهم فعلوا ذلك ، لأنهم قالوا قام كما قالوا باع فلم يفصلوا قيل له أرادوا فصلا بين ذوات الواو والياء في الماضي كما فصل في المستقبل ، وكان الفصل في فعل المتكلم والمخاطب في كل موضع تسقط فيه عين الفعل ، لسكون لامه بسبب اتصال الضمير به أولى وألزم وذلك من قبل شيئين
__________________
(١) المخصص / ٣٠٩ ، المحكم ٩ / ٢٣٥ ، لسان العرب ١١ / ٤١١