فلم يستثقل تحريك الواو والياء لخفة ما قبلها ، وإذا كان الواو قبلها ضمة والياء قبلها كسرة ، فإنه يجتمع في تحريك الواو والياء أنه أثقل" وأنه لا يخاف فيه الالتباس فحذف ، ومثل ذلك لم يبع ولم يقل حذفت الواو والياء ولم تحركا كما حذفت الألف في تخاف فقيل لم تخف والواجب في تخاف حذفت الألف إذا سكنت الفاء ، لأن الألف لم يمكن تحريكها ، فحمل لم يبع ولم يقل على الألف لأنها أخوات. ومع هذا فإنه يستثقل أن يقال لم يبيع ولم يقول فيحرك لاجتماع الساكنين.
هذا باب ما لا يرد من هذه الأحرف الثلاثة لتحرك ما بعده
" وهو قولك : لم يخف الرجل ، ولم يبع الرجل ، ولم يقل القوم ورمت المرأة ورمتا ، لأنهم إنما حركوا هذا الساكن لساكن وقع بعده وليست بحركة تلزم ، ألا ترى أنك لو قلت لم يخف زيد ولم يبع عمرو أسكنت وكذلك لو قلت رمت ، فلم تجئ بالألف لحذفته ، فلما كانت هذه السواكن لا تحرك حذفت الألف حيث أسكنت الياء والواو ، لم يرجعوا هذه الأحرف الثلاثة حيث تحركت لالتقاء الساكنين لأنك إذا لم تذكر بعدها ساكنا سكنت ، وكذلك إذا قلت لم تخف أباك في لغة أهل الحجاز وأنت تريد لم تخف أباك ولم يبع أبوك ، ولم تقل أبوك لأنك إنما حركت حيث لم تجد بدا من أن تحذف الألف وتلقي حركتها على الساكن الذي قبلها ، ولم تكن تقدر على التخفيف إلا كذا لم تجد في التقاء الساكنين من التحريك بدا ، فإذا لم تذكر بعد الساكن همزة تخفف كانت ساكنة على حالها كسكونها إذا لم يكن بعدها ساكن".
قال أبو سعيد : يريد أن ما أسقطناه من الألف والواو والياء في لم تخف ورمت ولم تقم ولم يبع لاجتماع الساكنين في هذه الحروف وما أشبهها إذا لقي الساكن منها ساكن بعده ، فيحرك لاجتماع الساكنين لم يرد الساكن الذاهب ، لأن هذا التحريك عارض وليس بحركة تلزم الحرف ، لأنه لا يلزمك في كل حال أن تقول لم يخف الرجل ، لأنك تقول لم يخف زيد ولم يبع عمرو ، وكذلك إذا قلت رمت المرأة يجوز أن تقول رمت هند ، وقد جاء في الشعر مثل رماتا على قول بعض العلماء ، وذلك أنه أدخل ألف التثنية بعد التاء فتحركت التاء حركة لازمة ولم يمكن قطع التاء من الألف ، فرد الألف الذاهبة قبل التاء ، وعلى ذلك تأول بعضهم قول امرئ القيس :
لها متنان خظاتا كما |
|
أكب على ساعديه النمر (١) |
__________________
(١) انظر خزانة الأدب ٣ / ٣٥٦.