وسيبويه يجري مثل هذا على الغلط والتوهم ، وكذلك جعل ادعه كأنهم توهموا إسكان العين ، ثم حركوها بالكسر لاجتماع الساكنين. وفيه عندي وجه آخر وذلك أن من العرب من يسكن الحرف الذي يبقى بعد المحذوف من المجزوم فيقول : اشتر ثوبا واتق زيدا ، فيحذف الياء ثم يسكن المتحرك الذي قبل الياء المحذوفة قال الشاعر :
ومن يتّق فإنّ الله معه |
|
ورزق الله مؤناب وغاد |
وقال آخر
قالت سليمى اشتر لنا دقيقا |
|
وهات خبز البرّ أو سويقا (١) |
فلما كان هذا قد يسكن قدر إسكان العين من ادعه على هذه اللغة فاجتمع ساكنان وهو الذي نحاه سيبويه عندي وإن لم يلفظ به وقد حكى أبو زيد عن القشيري : لم يأل عن ذلك بكسر اللام ، وهو من ألا يالو ، وقالوا ادعه واغزه فكسر في الجزم.
هذا باب ما تلحقه الهاء لتبين الحركة من غير ما ذكرنا من بنات الياء
والواو التي حذفت أواخرها ولكنها تبين حركة أواخر الحروف
التي لم يذهب بعدها شيء
" فمن ذلك النونات التي ليست بحروف إعراب ، ولكنها نون الاثنين والجميع وكان هذا أجدر أن تبين حركته حيث كان من كلامهم أن يبينوا حركة ما قبله متحركا مما لم يحذف من آخره شيء لأن ما قبله مسكن فكرهوا أن يسكن ويسكن ما قبله وذلك إخلال به وذلك قولك : هما رجلانه وهما ضاربانه وهم مسلمونه ، ومن ذلك هنّه وضربتنه وذهبئنه ، فعلوا ذلك لما ذكرت لك ومع ذلك أن النون خفية فذلك أيضا مما يؤكد التحريك إذا كان يحرك ما هو أبين منه ، وسترى ذلك وما حرّك وقبله متحرك ، ومثل ذلك أينه تريد أين ، لأنها نون قبلها ساكن وليست بنون تغير للإعراب ولكنها مفتوحة على كل حال فأجريت ذلك المجرى".
قال أبو سعيد : اعلم أن هذا الباب ذكر فيه سيبويه ما تلحقه هاء الوقف مما قبله ساكن ، وجملة الأمر أن هاء الوقف لا تلحق المعرب ، لأن حركات المعرب تتغير وتختلف ، وقد يدخل المعرب التنوين فجعل الحركات الداخلة عليه عوضا من الهاء ، وذلك أن الهاء أصل دخولها عوضا من النقص الذي يلحق الكلم ، فمن ذلك دخولها في عه وارمه
__________________
(١) قائله العذافر الكندي انظر الخصائص ٢ / ٣٤٠ ، شرح شواهد الشافية ٢٢٥.