على أحد مذهبين أحدهما أن يقول في الرفع لا أبال فيحذف الياء ويكتفي بالكسرة كما يقول لا أدر ثم يدخل الجازم عليه فيسكن اللام وإن الجازم صادف لاما متحركة فسكنها وكذلك حكم الجازم إذا صادف متحركا سكنه وإذا صادف ساكنا حذفه فلما سكنت اللام بدخول الجازم اجتمع ساكنان فحذفت اللام لاجتماع الساكنين وأما أن يكون كسرة ترك حرف متحرك في مجزوم فاتبع حذف الحركة حذف الياء كما اتبعوا في إعراب الاسم حين قالوا هذا امرؤ صالح ومررت بامرئ صالح ورأيت امرءا صالحا فاتبعوا إعراب الهمزة في امرئ حركة الراء وهذا التسكين كثير في كلام العرب وأشعارها وقرئ" أرنا اللذين" بتسكين الراء على معنى أرنا وقال الشاعر :
ومن يتق فإنّ الله معه |
|
ورزق الله مؤتاب وغادي |
وقال آخر :
قالت سليمى اشتر لنا سويقا |
|
وهات خبز البر أو دقيقا (١) |
وقوله : " صارت عندهم بمنزلة نون يكن حين أسكنت فإسكان اللام هاهنا بمنزلة حذف النون من يكن يعني أنك إذا قلت لم أبال فقد جزمته بحذف الياء ، كما أنك إذا قلت لم يكن فقد جزمته بتسكين النون ثم سكنت اللام كأنك أدخلت جازما على يكن ، فحذفت النون تشبيها للنون بواو يغزو وياء يرمي وقد ذكرنا وجه الشبه بين النون وحروف المد واللين فيما مضى من الشروح.
وقوله : " وإنما فعلوا هذا بهذين حيث كثر في كلامهم إذ كان من كلامهم حذف النون والحركات وذلك نحو مذ ولد وقد علم" وإنما الأصل لدن ومنذ وقد علم وهذا من الشواذ وليس مما يقاس عليه ويطرد ابن فرزدق مثل جردحل قلت فرزدق وإن كان المبني منه زوائد ألقيتها ولم تحفل بها كقائل قال لك ابن من مستغفر مثل جذع فهذا جائز تلقي الزوائد من مستغفر وهي السين والتاء والميم فتقول غفر وإن كانت حروف المبني منه أقل من حروف المبني على مثاله زدت في موضع اللام من المبني من جنسه ما يلحقه المبني على مثاله كقول القائل ابن لي من جذع مثال جعفر فتقول جذعع ومثال فرزدق جذعع وإن كان من في المبني على مثاله زوائد زدتها في المبني منه على مثل مواضعها من المبني منه كقائل قال لك مثل كوثر من ضرب فتقول ضورب وإن قال مثل جهور فتقول
__________________
(١) انظر الخصائص ٣ / ٩٦ ، تاج العروس ٢٥ / ٢١٩ ، اللباب ٢ / ٤٠٠.