ولا حجة لسيبويه في توهن هذه اللغة وإنما حجته في لغة من قال : أتيته أتوه وجبيته جباوة.
وقوله : ولها أيضا خاصة ليست للياء.
يعني أن الياء ، وإن كانت مواخية للواو والواو مواحية لها فلكل واحدة منهما خاصية تنفرد بها قد تقلب الواو ياء في كل حال ، ولا ألياء واوا في كل حال بل تقلب إحداهما إلى الأخرى في الحال التي ذكرنا قبلها لما بينهما من المواخاة وتمنع من القلب في حال أخرى لما في كل واحدة منهما من الخاصية فاعرفه إن شاء الله.
هذا باب التضعيف
اعلم أن التضعيف يثقل على ألسنتهم وأن اختلاف الحروف أخف عليهم من أن يكون من موضع واحد ، ألا ترى أنهم لم يجيئوا بشيء من الثلاثة على مثال الخمسة نحو : ضربّب : ولم يجيء فعلّل ولا فعلّل ولا فعلّل إلا قليلا أما ثقل التضعيف ، وهو توالي الحروف من جنس واحد ؛ فلا حاجة بنا إلى الاحتجاج لوضوحه.
وأما قوله : ولم يجئ فعلّل ولا فعلّل فزعم قوم أن ذكر سيبويه لذلك لا معنى له ، وأظنهم أنكروا ذلك لأن فعلل في الكلام نحو سفرجل وفعلل نحو جردحل وفعلل نحو قذعمل ، وقد غلطوا في ذلك وذهب عليهم ما قصده سيبويه ، وإنما أراد سيبويه أنه لم يجئ فعلل ولاماته الثلاث من جنس واحد مثل فعلل الذي وزن به المثال.
ألا ترى أنه قال عقيب ذلك ، ولم يبنوهن على فعالل كراهية التضعيف يعني لم يأت على فعالل واللامان من جنس واحد ولم يجئ على فعالل واللامان مختلفان كقولهم عذافر وحمارس كما جاء على فعالل ، واللامان مختلفان كقولهم سفرجل وسمردل.
قال : وذلك لأنه يثقل عليهم أن يستعملوا ألسنتهم من موضع واحد ثم يعودوا إليه فلما صار ذلك تعيا عليهم أن يداركوا في موضع واحد ، ولا يكون مهلة كرهوه ، وأدغموه لتكون دفعة واحدة ، وكان أخف.
قوله : وذلك يثقل عليهم أن يستعملوا ألسنتهم من موضع واحد.
يعني أنهم متى نطقوا بحرف متحرك ثم عقبوه بحرف آخر من غير مخرج الحرف الأول ، فهو أخف عليهم من أن يكون من مخرجه ، وذلك أن اللسان فيه اعتمادات في وقت النطق ينتقل بها إلى خارج الحروف ويعتمد عليها ، فمضيه عن الموضع الذي يعتمد عليه أخف من تحركه فيه كما أن الماشي قدما حركته أخف من الذي يحرك رجليه في