وذكر سيبويه إدغام النون في الراء ، ثم [ ](١) إدغامها في جميع ما تدغم فيه ، وهي تدغم في خمسة أحرف : الراء واللام والميم والواو والياء يجمعهن ، ويرمل.
وقد ذكرناها قبل ؛ فإذا أدغمت فيها تحولت من جنسها وصار مخرجها من مخرجها ، وكذلك النون إذا أدغمت في النون صار مخرجها من الفم ؛ لأن الحرفين إذا أدغم أحدهما في الآخر لم يجز أن يختلف مخرجاهما ؛ فلما كان مخرج النون المتحركة من الفم وجب أن تكون الساكنة المدغمة فيها من الفم ؛ لأنها لو كانت من الخيشوم اختلف المخرجان.
وإذا أدغمت النون في الراء واللام والواو والياء ؛ فإنها تدغم بغنة ، وغير غنة ، أما إذا أدغمت بغير غنة ؛ فلأنها إذا أدغمت في هذه الحروف صارت من جنسها فتصير مع الراء راء ، ومع اللام لاما ، ومع الواو واوا ، ومع الياء ياء ، وهذه الحروف ليس لها غنة.
وأما إذا أدغمت بغنة ؛ فلأن النون لها غنة في نفسها سواء كانت من الفم أو من الأنف والغنة صوت من الخيشوم يتبع الحرف ، وإن كان خروج الحرف من الفم.
وقد كان للنون من قبل الإدغام غنة فكرهوا إبطالها ، حتى لا يكون للنون أثر من صوتها ألبتة ، وهم يجدون سبيلا إلى الإتيان بها ، ورأيت بعض النحويين يقول : الغنة فيهن أجود ؛ لأن الغنة فرق واضح وبين القراء اختلاف في اختيار الغنة في بعض ذلك ، وتركها في بعض ، وسأذكره في باب الإدغام في القراءات إن شاء الله.
وأما الميم إذا أدغمت النون فيها فليست بمحتاجة إلى غنة من أجل النون ؛ لأن الميم فيها غنة ، وإن كان مخرجها من الشفتين يغني عن غنة النون ، وكذلك إذا أدغمت في نون مثلها فالنون الثانية ، وإن كان مخرجها من الفم فيها غنة.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : وأنا أسوق لفظ سيبويه في إدغام النون في هذه الحروف ، وأشرح ما استغلق منه إن شاء الله.
قال سيبويه : والنون مع الراء لقرب المخرجين يريد تدغم النون في الراء وذلك مثل قولك من راشد ومن رأيت ، وتدغم بغنة وبلا غنة ، وإدغامها يجوز بغنة وغير غنة ؛ لأن الراء فيها فضيلة التكرير ويغلب لفظها على ما أدغمت فيه.
والراء ليس فيها غنة فيتوهم المتوهم أنه لا يجوز فيها الغنة ؛ لأنها قد أدخلت في الراء وغلب عليها فضيلة التكرير فأراد أن يبين أنها من إدغامها في الراء فيها غنة ؛ لأن الغنة
__________________
(١) كشط بالأصل.