البينة مخرجها من اللسان وسبيلها سبيل سائر حروف اللسان كالراء واللام ، وما أشبه ذلك.
وسمعت أبا بكر بن مجاهد رحمهالله يقول : حروف الحلق التي تبين النون قبلها ستة ؛ فأما ثلاثة منها فإن النون الساكنة تتبين عندها ضرورة من غير تعمل وهي الحاء والهاء والعين كقولك من عندك ومن حملك ومن هلال.
وأما الهمزة إذا تعمل لتحقيقها تبينت النون كقولك : من أبوك؟ وقد يتوانى المتكلم عن تحقيقها فتنقلب حركتها على النون ، وتنحذف كقولك من أبوك؟ وأما الغين والخاء فبعض العرب وبعض القراء يخرجها مخفاة فيحتاج في تثبيتها إلى تفقد وتعمل.
وقد مضى أمر النون مع الغين والخاء وسنبين منه أيضا ما تقف عليه إن شاء الله.
واحتج سيبويه لبيان النون عند حروف الحلق الستة فقال : وذلك أن هذه الستة تباعدت عن مخرج النون وليست من قبيلها يريد تباعد صوت الخيشوم من هذه الحروف وتعذر إخراجها بعد النون وقربت حروف الفم أنها أنها قد أدغمت في اللام وأخواتها يعني الراء واللام والياء فجعل ذلك سبب إخفائها مع ما يخفى عنده من حروف الفم.
قال : ولم نسمعهم قالوا في ذلك هذا ختن سليمان ؛ فأسكنوا مع هذه الحروف التي مخرجها معها من الخياشيم يعني إذا تحركت النون قبل السين وأخواتها وسائر الحروف التي تخفى قبلها النون وتخرج من الخيشوم لم تسكن كما تسكن النون المتحركة قبل الحروف التي تدغم فيها الإدغام من قبل أنها لا تحول حتى تصير من مخرج الذي بعدها.
وترتيب لفظ سيبويه ، ولم نسمعهم قالوا ختن سليمان كأنه قال لك ولم نسمعهم أسكنوا النون المتحركة مع الحروف التي تخفي النون معها نحو السين والقاف وسائر حروف الفم سوى ما تدغم فيه.
ومعنى قوله : من قبل أنها لا تحول حتى تصير من مخرج التي بعدها أي لا تحول يعني النون مع السين والقاف والكاف وسائر حروف الفم كما تحول مع الستة الأحرف وهي الواو واللام والنون والميم والواو والياء.
قال : وإن قيل : لم يستنكر يريد لو أسكنت العرب النون المتحركة مع الحروف التي تخفي قبلها من حروف الفم لم يستنكر ذلك ؛ لأنهم يطلبون هاهنا من الاستخفاف ما يطلبون إذا تحولوا يريد أنهم يطلبون التخفيف بإخراج النون من الخيشوم مع حروف الفم فغير مستنكر أن يسكنوا النون المتحركة ليحصل لهم خروجها من الخيشوم وخفاؤها كما يسكنوها إذا أرادوا إدغامها فيحولونها إلى جنس ما تدغم فيه.