قال : ولم تقو هذه الحروف على أن لا تقلبها ؛ لأنها تراخت عنها ولم تقرب قرب هذه الستة يعني : ولم تقو الحروف التي تخفي النون قبلها على أن تقلب النون إلى جنسها لتراخي ما بينهما وتباعده.
وقد ذكرنا الحروف الستة التي تقلب النون قبلها ومعنى قوله : فلم يحتمل عندهم حرف ليس من مخرجه غيره للمقاربة أكثر من هذه الستة يريد لم يحتمل النون وهي حرف ليس من مخرجه غيره قبلها حرف سوى هذه الأحرف الستة من المقاربة والمناسبة وليس غير هذه الستة مثلها.
قال سيبويه : وتكون ساكنة مع الميم إذا كانت من نفس الحروف والواو والياء بينة بمنزلتها مع حروف الحلق كقولهم شاة زنماء وغنم زنم وقثواء وقنية وكنية ومنية لأملهم على البيان مخافة الالتباس حتى يصير الحرف كأنه من المضاعف ؛ لأن هذا قد يكون مضاعفا.
ألا تراهم قالوا : محى حيث لم يخافوا الالتباس ؛ لأن هذا مثال لا تضاعف فيه الميم أبدا.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ قد ذكرنا أن النون تدغم في ستة أحرف تدغم في النون والراء واللام والميم والواو والياء.
وقد يعرض في ثلاثة أحرف من هذه الستة علة توجب أن تبين النون الساكنة قبلها ، وتخرج من الفم وهي الميم والواو والياء.
وعلة ذلك أن تقع النون الساكنة في كلمة وبعدها ما يكون إدغامها فيه يوهم أن الأصل ليس بنون وذلك في مثل ما ذكره سيبويه شاة زنماء وغنم زم لتوهم أن عين الفعل ولامه ميمان ، وأن منزلته كقولك شاة جماء وغنم جم.
ولو أدغموا في الواو والياء في قنو قو وفي كنية ومنية كنة ومية فيصير بمنزلة ما عينه ولامه واوان كقولك : قو وجو أو ياءان جي.
وإذا لم يقع لبس أدغم وذلك في شيئين أحدهما أن تكون الكلمتان منفصلتين فيعلم بالانفصال حرف كل واحدة من حروف الأخرى كقولك : من مالك ومن راقد ومن ياسر ، والآخر أن تكون الكلمة يعرف من بنيتها أن فيها نونا مدغمة كقولك : امحى وهو انفعل ؛ لأنا إن لم نجعلها انفعل وجعلنا المستددة أصلية صارت أفعل وليس في الكلام أفعل.
ولو بنينا من وجل انفعل قلنا : اوّجل ومن يسر ايّسر فأدغمنا لزوال اللبس فصار ما