وبعض العرب يقول : مترد وهي عربية جيدة والقياس مترد ؛ لأن أصل الإدغام أن تدغم الأول في الثاني.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ في مثرد وهو مفتعل من الثريد ثلاث لغات : مثترد وهو الأصل ، ومترد على إدغام التاء في التاء ، وهو القياس والأولى ؛ لأن الأول إنما يدغم في الثاني ومثرد يقلب الثاني إلى جنس الأول ، وإدغام أحدهما في الآخر أما الإدغام فلتقاربهما وهما مع التقارب مهموسان ، وذلك مما يقوي إدغام أحدهما في الآخر.
وأما البيان ؛ فلأنهما ليسا بحرفين متجانسين يضطر الناطق إلى الإدغام إذا سكن الأول منهما ، وأما إدغام الثاني في الأول بأن يقلب الثاني إلى جنس الأول ويدغم الأول فيه فقد مضى بعضه ، وذلك في الحاء والعين إذا كانت الحاء أولا والعين ثانيا واخترنا الإدغام قلبنا العين جاء وأدغمنا الحاء في الحاء.
وقالوا في مفتعل من صرت مصطبر أرادوا التخفيف حين تقاربا ، ولم يكن بينهما إلا ما ذكرت لك وصارا في حرف واحد ولم يجز إدخال الصاد فيها لما ذكرنا في المنفصلين يعني من الصفير فأبدلوا من مكانها أشبه الحروف بالضاد وهي الطاء ليستعملوا ألسنتهم في ضرب واحد من الحروف ، وليكون عملهم من وجه واحد إذ لم يضلوا إلى الإدغام ، وأراد بعضهم الإدغام حيث اجتمعت الصاد والطاء فقالبوا الطاء صادا فقالوا : مصبر لما امتنعت الصاد أن تدخل في الطاء ، وقلبوا الطاء صادا فقالوا : مصبر.
وحدثنا هارون القاري أن بعضهم قرأ : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً).
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : اعلم أن تاء الافتعال يلزم قلبها طاء مع أربعة أحرف ودالا مع ثلاثة أحرف ؛ فأما الحروف التي يلزم قلبها معها طاء فهي حروف الإطباق الضاد والطاء والطاء والصاد.
وأما الحروف التي يلزم قلبها معها دالا فثلاثة أحرف وهي الدال والذال والزاي فأما قلبها طاء مع حروف الإطباق ؛ فلما بين الطاء وبين هذه الحروف من الإطباق فطلبوا حرفا من مخرج التاء يوافقها في الإطباق وهي الطاء.
وقد علم أنه لا يقع لبس في ذلك ، وأما قلبها دالا مع هذه الحروف ؛ فلأن هذه الحروف مجهورة والتاء مهموسة.
والتمسوا حرفا مجهورا من مخرج التاء موافقا لهذه الحروف في الجهر غير مطبق مثلهن ، وهو الدال فمن ذلك ما ذكره سيبويه ، وهو مصطبر أصله مصتبر فقلبنا تاء