وقال : قرئ وقرن في يريد واقررن والذي احتج به الفراء على الكسائي صحيح والذي قرأ بهذا عاصم ومعناه أقررن من القرار يقال : قررت بالمكان أقر وقررت أقر وقراءة عاصم من هذه اللغة ومن قرأ وقرن في بيوتكن بكسر القاف ففيه وجهان أجودهما أن يكون من وقر بالمكان يقر من الوقار كما تقول : وقف يقف وقفن يانسوة والوجه الآخر أن يكون واقررن فحذفت الراء المكسورة وألقيت حركتها على القاف وذلك لا يختار لأنه لا ضرورة إليه.
وقد روى بيت أبي زبيد :
سوى أن العتاق من المطايا |
|
أحسن به فهن إليه شوس |
هذا باب في إدغام القراء
اذكر فيه ما أدغموه وأكتفي بذكر بعضه عن ذكر جميعه ، فما كان منه موافقا لمذهب سيبويه فقد مر الاحتجاج له في جملة ما مضى من كلامه ، وذكر احتجاجه وشرحنا إياه وما خالفه ذكرنا من الاحتجاج له ما نتحرى فيه الحق وبالله نستعين وإليه نهتدي وأنا أبتدئ بترتيب ذلك على حروف ا ب ت ت فإنه أقرب متناولا ، وأبلغ استيعابا إن شاء الله الباء تدغم في مثلها.
قرأ أبو عمرو (لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) [البقرة : ٢٠] و (الرُّعْبَ بِما) [آل عمران : ١٥١] ، وهذا مذهب أبي عمرو ، والذي حكاه الفراء عنه من الجمع بين ساكنين في حروف كثيرة في الإدغام تقف على بعضها إن شاء الله.
وقد أباه سيبويه والبصريون وحملوا ذلك على الإخفاء من أبي عمرو وأجاز الجمع بين ساكنين الفراء والكوفيون.
ودغم أبو عمرو الباء في الميم في (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) [المائدة : ١٨] ، (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا) [هود : ٤٢] ، ولا خلاف في جواز إدغام الباء في الميم.
وروي عن أبي عمرو أنه كان يدغم الميم في الباء إذا تحرك ما قبل الميم مثل (مَرْيَمَ بُهْتاناً) [النساء : ١٥٦] ، و (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) [الحج : ٥] ، (بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) [الأنعام : ٥٣].
فإذا سألت أصحابه عن اللفظ بما ترجموه عنه من إدغام ذلك لم يأتوا بباء مشددة.
وقد سألت أبا بكر بن مجاهد ـ رحمهالله ـ عنه فذكر أنهم يترجمونه عنه بإدغام أو نحو هذا من اللفظ.