عشر حرفا ، وإنما نقص منها واحد ؛ لأنه لم يتفق إدغام الذال والطاء كما أدغمت الدال في الطاء ، وإدغام التاء فيما بعدها أكثر من إدغام الدال ؛ لأن التاء علامة تلتبث الاسم والفعل ، وهو كثير لا يحصى ويدغم في الدال جميع ما يجوز إدغامه في التاء في القياس إلا أن الذي وجدناه في قراءة القراء مدغما في الدال حرفان : التاء والدال.
وقد ذكرناهما في موضعهما ، وأما الذال فقد أدغمها أبو عمرو في مثلها في قوله (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) في سبعة أحرف سواها في التاء كقوله (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) [آل عمران : ١٥٢] ويدغمها في ياء المتكلم كقوله (أَخَذَتِ) و (لَاتَّخَذْتَ) و (اتَّخَذْتُمُ) و (أَخَذْتُمْ) و (عُذْتُ بِرَبِّي) و (فَنَبَذْتُها) ويدغمها في الظاء كقوله : (إِذْ ظَلَمْتُمْ) وفي السين كقوله (إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) وفي الصاد كقوله (وَإِذْ صَرَفْنا) وفي الزاي كقوله (وَإِذْ زَيَّنَ) وفي الدال كقوله (إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ) وفي الجيم كقوله (إِذْ جاؤُكُمْ) ولم يدغمها أحد من القراء في الجيم غير أبي عمرو.
وأدغموا من القرآن في الذال أربعة أحرف مذكورة في مواضعها وهي اللام والتاء وأما الراء ؛ فإنها تدغم في مثلها.
وروي عن ابي عمرو بن العلاء أنه كان يدغم الراء في مثلها ساكنا كان ما قبلها ، أو متحركا ، والساكن ما قبلها قوله (شَهْرُ رَمَضانَ) و (عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) و (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ ،) و (اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ،) ويشير إلى ما كان من المدغم مضموما أو مكسورا بالضم والكسر كالإشارة إلى شهر رمضان بالضم وإلى أمرهم بالكسر ، وليس في اترك البحر إشارة ؛ لأنه مفتوح ؛ لا يمكن الإشارة إليه.
قال أبو بكر بن مجاهد : يعني فيما كان مشارا فيه إلى ضم أو كسر هذا إخفاء وليس بالإدغام ؛ لأنه يخفى الحركة فتخف بعض الخفة فيشبه الإدغام والإدغام في مثل هذا رديء وأن ما قبله ليس من حروف المد واللين ولا يجوز أن تنقل حركة المدغم إلى ما قبله ؛ لأن ذلك إنما يكون في كلمة واحدة مثل يمد وأصله يمدد وهذا مذهب سيبويه ؛ لأنه كان لا يجيز الإدغام في شهر رمضان ، وأمر ربهم ، لأنه لا يخلو من أن تبقى الهاء من شهر والميم من أمر على سكونهما وتنقل حركة ما قبله إليه وكلاهما غير جائز عنده ، لأن ترك الساكن على حاله وإدغام ما بعده في مثله يوجب الجمع بين ساكنين وليس الأول منهما من حروف المد واللين ، وليس ذلك من كلام العرب أو نقل حركة ما قبله إليه وليس ذلك بمعروف إلا أن يكون في كلمة واحدة وذلك في مثل أمد وأصله امدد وكان الفراء يجيز الإدغام في ذلك على الوجهين من الجمع بين الساكنين ومن التاء الحركة.