وأدغمها في الذال كقوله (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) ورأيت الرواية اختلفت عن أبي عمرو في إدغام السين في الشين في قوله عزوجل (اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) فمنهم من روى أنه أدغم ومنهم من روى أنه منع من الإدغام والذي عليه النحويون البصريون أن السين لا تدغم في الشين ولا الشين في السين.
وقد روي عن أبي عمرو إدغام كل واحدة منهما في الأخرى كقوله (إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ،) وأظنه ذهب إلى أنهما متواخيتان في التفشي والصوت فكأنهما من مخرج واحد ، وإن تباعد مخرجاهما كما أن حروف المد واللين على تباعد مخراجها متواخية في قلب بعضها إلى بعض وبدل بعضها من بعض ، ويدغم في السين والشين ما يذكر في موضعه.
وأما الصاد فليس فيها شيء يذكر من إدغامها في شيء ، وما يدغم فيها مذكور في موضعه إن شاء الله.
وأما الضاد فلم يلتق في القرآن ضادان فتدغم إحداهما في الأخرى ولم تدغم في شيء إلا ما ذكر أبو بكر بن مجاهد أن أبا شعيب السوسي روي عن الترمذي عن أبي عمرو أنه كان يدغم الضاد في الشين في قوله (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ).
قال أبو بكر : ولم يرو عن أبي عمرو إدغام الضاد في الشين إلا أبو شعيب السوسي عن اليزيد وهو خلاف ما ذكره سيبويه ، وإدغام الصاد في الشين عندي ليس بالمنكر ؛ لأنها مقاربة للشين في المخرج والشين أشد استطالة من الضاد وفي الشين تفش ليس.
وعلى أن سيبويه قد حكى اطجع بإدغام الضاد في الطاء فدل ذلك على جواز إدغامها في الشين لأن الشين أقوى منها وأفشى ، وما أدغم في الضاد مذكور في موضعه ، وأما الطاء والظاء فليس في إدغامها شيء يذكر ، وما يدغم فيهما مذكور في موضعه ، وأما العين فتدغم في مثلها لا غير كقوله (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ) وقد الفين مع الخاء وأما الفاء فتدغم في مثلها كقوله : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ) ولا تدغم إلا في مثلها لأن فيها تفشيا ، ولأنها أمكن موضعا وما روي عن الكسائي من إدغامها في الباء في (نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ) ضعيف عندهم شاذ وهو شيء تفرد به الكسائي.
وأما لقاف فإنها تدغم في مثلها كقوله عزوجل (فَلَمَّا أَفاقَ) و (أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ) وتدغم في الكاف في كلمتين أو كلمة واحدة كقوله (خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) و (خَلَقَكُمْ) و (رَزَقَكُمُ) وكذلك الكاف تدغم في مثلها وتدغم في القاف فإدغامها في مثلها كقوله (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً) وإدغامها في القاف كقوله (إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا وَكانَ