أشبه ذلك من أجل أن منقطع صوت الواو عند مخرج الألف ، وقال الأخفش : إنما اثبتوا الألف لأن يفصل بين واو العطف وواو الجمع ، وقال غيرهما : إنما زادوا الألف ليفصلوا بين ما اتصل به ضمير مفعول وبين ما لم يتصل به كقولك في ضمير المنصوب ظلموهم وظلموكم يكتب بغير ألف ، وإذا قلت ظلموا هم فجعلت هم توكيدا للواو ، كقولك : قاموا هم ، أثبت الألف وكذلك حمل قوله عزوجل : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)(١) ، أن" هم" في موضع مفعول ، لأن الخط في المصحف بغير ألف ، ولهذا موضع يشرح فيه إن شاء الله.
وأما من جعل مكان الألف همزة فلأن الهمزة إذا كان قبلها متحرك فهي أبين من الألف. ومعنى قول سيبويه : " همزة واحدة" يريد أنهم لم يشددوا الهمزة كما قالوا في جعفر جعفر في الوقف ، وكان ذلك أخف عليهم من أن يتكلفوا للوقف إحدى العلامات التي تقدم ذكرها ، وشبهوا ذلك بالإدغام ، لأن الإدغام يقع فيه تغيير الحرف الأول من أجل الحرف الثاني ، فتغير علما أنهم يصيرون إلى موضعه ، وكذلك غير الألف إلى الهمزة حيث علموا أنهم يصيرون إلى موضع الهمزة ، وكان في الهمزة تبيان أتم من تبيان الألف ، فإذا وصل بشيء استغنوا عن التغيير وصيروه ألفا.
هذا باب الوقف في الهمز
" أما كل همزة قبلها حرف ساكن فإنه يلزمها في الجر والرفع والنصب ما يلزم الفرع في هذه المواضع التي ذكرت لك من الإشمام وروم الحركة ومن إجراء الساكن ، وذلك قولهم : هذا الخبء والخبء والخبء".
قال أبو سعيد : يريد أن من حقق الهمزة في الوقف جرت عليها الوجوه التي تجري على قولنا البكر والفلس وزيد وعمرو وما أشبه ذلك إذا وقفت عليه ويكون منزلته منزلة العين ، وكذلك شبهه بالفرع ، لأن الهمزة تشبه بالعين.
قال : " واعلم أن ناسا من العرب كثيرا يلقون على الساكن الذي قبل الهمزة حركة الهمزة ، سمعنا ذلك من تميم وأسد يريدون بذلك بيان الهمزة وهو أبين لها إذا وليت صوتا والساكن لا ترفع لسانك عنه بصوت لو رفعت بصوت حركته ، فلما كانت الهمزة أبعد الحروف وأخفاها حركوا ما قبلها ، وذلك قولهم هو الوثؤ ومن
__________________
(١) سورة المطففين الآية ٣.