يريد : هنك ، وأظن في شعره حرّك.
قال : " ومما أسكنوا في الشعر وهو بمنزلة الجّرة إلا أن من قال فخذ لم يسكّن ذلك ، قال الراجز :
إذا اعوججن قلت صاحب قوّم |
|
بالدّوّ أمثال السّفين العوّم (١) |
فسألنا من ينشد هذا البيت من العرب فزعم أنه يريد صاحبي ، قد يسكّن بعضهم في الشعر ويشمّ ، وذلك قول الشاعر :
فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل (٢) |
وجعلت النقطة علامة الإشمام ، ولم يجئ هذا في النصب ، لأن الذين يقولون : كبد وفخذ ، " في كبد وفخذ ، " لا يقولون في جمل جمل".
قال أبو سعيد : اعلم أن الذي ذكر سيبويه من تسكين ما أجاز تسكينه في الشعر وقد أنكره المبرد وغيره ورووا : وقد بدا ذاك من المئزر ، ورووا في مكان صاحب قوّم : صاح قوّم. ومكان فاليوم أشرب غير مستحقب : فاليوم أسقى ، ومنهم من يروي : فاليوم فاشرب. والذي قاله سيبويه عندي صحيح وذلك أن الذين أنكروا هذا إنما أنكروه من أجل ذهاب الإعراب ولا خلاف بينهم أن الإعراب قد يزول بالإدغام ، والقراء على إدغام النون في قوله عزوجل : (ما لَكَ لا تَأْمَنَّا)(٣) والأصل لا تأمننّا ، فذهبت الضمة التي هي علامة الرفع ، وقوّي قوله مع القياس الذي ذكرت لك الرواية.
هذا باب وجوه القوافي في الإنشاد
قال أبو سعيد : اعلم أني لو اقتصرت على تفسير ألفاظ سيبويه فيما ذكره من القوافي لسقط الكثير مما يحتاج إليه فيها ، لأنه لم يستوعب ذكرها ولا قصد إلى استيفاء معرفتها وما يتعلق بها ، فعملت على أن أتقصى ذكرها وما يتعلق بها مع شرح كلامه ، وأفرد من ذلك ما يحتمل الإفراد وبالله أستعين على جميع الأمور.
قال سيبويه : " أما إذا ترنّموا فإنهم يلحقون الألف والياء والواو وما ينوّن وما لا ينون لأنهم أرادوا مدّ الصوت وذلك قولهم :
__________________
(١) قاله أبو نخيلة انظر شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٤١ ، شواهد الشافية ٢٢٥.
(٢) البيت لامرئ القيس انظر ديوانه ١٢٢ ، الخزانة ٢ / ٢٧٩.
(٣) سورة يوسف الآية : ١١.