الأشعار راوية للشعر وكحامل لغة العرب راوية لغة لحملهما ما حملا من ذلك ، وليس الأمر عندي كما قال بل اشتقاق ذلك عندي من شد الحبل على الشيء وضبطه به ، ويقال للحبل الرواء ، وجمعه أروية ، ويقال روي فوقه وروي عليه إذا شد فوقه الحبل ، قال الطرماح :
مزايد خرقاء اليدين مسيفة |
|
يخب بها مستخلف غير آين |
روى فوقها راو عنيف وأقصيت |
|
إلى الحنو من ظهر القعود المداجن |
يريد أنه شد الحبل فوقه ، وإنما قيل راوية للشعر واللغة وغير ذلك ، لأنه قد ضبط ما يرويه وشده ، وكذلك الروي هو الذي ينعقد به الشعر. وروى أهل اللغة هذا الشعر على قرء وقرئ واحد ، أي على روي واحد ، والقرء ضم الشيء كأنه هو الذي ضم الشعر ، وهو نحو معنى الروي.
هذا باب عدة ما يكون عليه الكلم
" فأقل ما تكون عليه الكلمة حرف واحد ، وسأكتب لك ما جاء على حرف بمعناه إن شاء الله تعالى".
قال أبو سعيد : هذا الباب لا يحتاج إلى كبير تفسير ، لأنه يجري مجرى اللغة ، وأنا أسوق كلامه ، وأذكر بعض ما لم يذكره ، وإن كان فيه شيء يحتاج إلى إيضاح أوضحته في موضعه إن شاء الله تعالى. وقد اشتمل هذا الباب على حروف وأسماء وليس في الكلام فعل على حرف.
قال : " أما ما يكون قبل الحرف الذي يجاء به له فالواو التي في قولك : مررت بعمرو وزيد إنما جئت بالواو لتضم الآخر إلى الأول وتجمعهما ، وليس فيه دليل على أن أحدهما قبل الآخر ، والفاء وهي تضم الشيء إلى الشيء كما فعلت الواو ، غير أنها تجعل ذلك متسقا بعضه في إثر بعض ، وذلك قولك : مررت بزيد فعمرو فخالد ، وسقط المطر مكان كذا فمكان كذا ، وإنما يقرو أحدهما بعد الآخر".
يريد إنما يقرو المطر أحدهما بعد الآخر ، ومعنى يقرو يتبع.
" وكاف الجر التي تجيء للتشبيه ، وذلك قولك : أنت كزيد ، ولام الإضافة ومعناها الملك واستحقاق الشيء ، ألا ترى أنك تقول : الغلام لك والعبد لك ، فيكون في معنى هو عبدك وهو أخ لك ، فيصير نحو : هو أخوك ، فيكون مستحقا لهذا كما يكون مستحقا لما يملك".