وبالجملة فحيث كان الحكم متفقا عليه بين الأصحاب وهو الأوفق بالاحتياط فلا بأس بالمصير اليه.
الخامس ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) ان من أجنب ونام ناويا للغسل حتى أصبح فلا قضاء عليه ، ولو انتبه ثم نام ثانيا ناويا أيضا حتى أصبح فعليه القضاء خاصة ، ولو انتبه ثم نام كذلك حتى أصبح فعليه مع القضاء الكفارة.
أقول : اما الحكم الأول والثاني فيدل عليهما ما تقدم من صحيحتي معاوية بن عمار وعبد الله بن أبى يعفور المتقدمتين (١) بحمل إطلاقهما على ذلك.
وأما ما دل عليه إطلاق بعض الأخبار المتقدمة ثمة من وجوب القضاء بأول نومة فقد عرفت انه محمول على تعمد البقاء على الجنابة كما صرح به في بعضها وقد أشرنا الى ذلك ثمة.
ثم ان ظاهر بعض الأصحاب تقييد النوم زيادة على نية الغسل بإمكان الانتباه واعتياده ، وبعض الأصحاب صرح بتحريم النومة الثانية وان عزم على الغسل واعتاد الانتباه وان لم يجب عليه مع المخالفة إلا القضاء خاصة ، وفي بعض الأخبار ما يشير الى التحريم كما قدمنا الإشارة اليه.
وظاهر المعتبر والمنتهى انسحاب التحريم ايضا الى النومة الأولى ولو مع نية الغسل ، حيث قال في المعتبر : ولو أجنب فنام ناويا للغسل حتى أصبح فسد صوم ذلك اليوم وعليه قضاؤه وعليه أكثر علمائنا. مع أنه قال في موضع آخر من الكتاب المذكور : من أجنب ونام ناويا للغسل حتى طلع الفجر فلا شيء عليه لأن نومه سائغ ولا قصد له في بقائه والكفارة مرتبة على التفريط أو الإثم وليس أحدهما مفروضا ، اما لو انتبه ثم نام ثانيا ناويا للغسل فطلع الفجر فعليه القضاء لأنه فرط في الاغتسال مع القدرة ، ولا كذا المرة الأولى لأن في المنع منها تضييقا على المكلف. انتهى.
__________________
(١) ص ١١٤.